قال السائل: يعتقد صديقك المازني أن الحب العذري غير موجود وغير معقول، فما اعتقادك أنت في هذا الموضوع؟
فأردت التخلص وأحلت السائل إلى واجب الصداقة الذي يأبى عليّ أن أعرض لرأي أخينا المازني بتفنيد أو تجريح! وقلت له في عجلة ولهوجة: إن الحب الجنسي ينتهي إلى غاية جنسية، وأما ما عدا ذلك من ضروب الحب فليس لها غاية غير الصداقة والولاء
ثم جاء دور المنافسات الأدبية في البلاد العربية، فكان لها نصيب في أكثر من سؤال واحد، وكان أهم الأسئلة فيها رسالة إلى (الرسالة)، أو عتباً على المجلات المصرية - وفي مقدمتها (الرسالة) - لأنها تضن بالنشر والتنويه على القصائد والفصول التي تأتيها من أدباء فلسطين
وكان صاحب السؤال خطابياً في لهجته، عنترياً في حماسته، مؤمناً بصوابه في عتبه، ولعله كان ينطق بألسنة غيره ممن يعتبون مثل عتبه، ويؤمنون مثل إيمانه
فأردت أن أصحح هذا الوهم الذي يغلو فيه بعض الدعاة إلى التفرقة من أذناب الدول الأجنبية في الأقطار العربية، وقلت ما أعتقد في هذا الصدد، وهو أن الديار المصرية - بقرائها وأدبائها ومجلاتها - أبعد الناس عن الأثرة العنصرية في مسائل الثقافة، أو مسائل المفاضلة بين الأدباء والمؤلفين، وذكرت للسامعين شاهداً من الشواهد التي يلمسونها في فلسطين، وهو تفضيل (مفكرات دجاجة) للأديب الفلسطيني الدكتور إسحاق الحسيني على سائر الأجزاء التي ظهرت من سلسلة (اقرأ) لكثير من الكتاب المصريين، وهي لم تنل هذا التفضيل بأصوات القراء من أهل فلسطين نفسها، ولا بأصوات القراء من أبناء البلدان العربية الأخرى، وهي تربي في عدتها على كل ماعداها من الأصوات
ثم قلت: إن الديار المصرية هي الميدان الذي اشتهرت فيه مؤلفات اليازجي وصروف وزيدان والشدياق والحداد وأديب إسحاق والمعلوف وغيرهم من فضلاء سوريا ولبنان والعراق، وأنها هي الميدان الذي طبعت فيه - أو راجت فيه - مؤلفات الريحاني ونعيمة وجبران، وسائر كتاب العربية في المهاجر الأمريكية. فليس أسرع من المصريين إلى تقدير الأدب العربي الذي يصل إلى أيديهم وأسماعهم، وليس عليهم من عتب إذا قامت