للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرحمن المنصور الخازني المعروف بالخازن نشأ في (مرو) أشهر مدن خراسان، وقد درس فيها وعلى علمائها نبغ ولمع في سماء البحث والابتكار. اشتغل في الطبيعة ولاسيما في بحوث الميكانيكا فبلغ الذروة وأتى بما لم يأت به غيره من الذين سبقوه من علماء اليونان والعرب، كما وفق في عمل زيج فلكي سماه (الزيج المعتبر السنجاري) وفيه حسب مواقع النجوم لعام ١١١٥ - ١١١٦م، وجمع أرصاداً أخرى هي في غاية الدقة بقيت مرجعاً للفلكيين مدة طويلة.

ومن الغريب أن قنصل روسيا في تبريز في منتصف القرن الماضي عثر صدفة على كتاب ميزان الحكمة، وقد كتب عنه عدة مقالات في إحدى المجلات الأمريكية. ولعل العلماء الألمان أكثر العلماء اعتناءً بآثار الخازن. فنجد في رسائل للأستاذ ويدمان فصولاً مترجمة عن (ميزان الحكمة) وقد استوفت بعض حقها من البحث والتعليق كما نجد في رسائل غيره مقتطفات من محتويات الكتاب المذكور دللوا فيها على فضل الخازن في علم الطبيعة.

ولابد لي في هذا المجال من إبداء دهشتي لعدم نشر فصول هذا الكتاب النفيس في كتاب خاص، ولا أدري سبباً لهذا. . .

ولعل السؤال الآتي يتبادر إلى غيري أيضاً: لماذا نُشرت بعض محتويات الكتاب وأهملت الأخرى؟ ليس لي أن ألوم علماء الألمان أو غيرهم في ذلك، فلقد قاموا بواجبهم نحو الخازن أكثر منا وعرفوا فضله قبلنا، ولا أكون مبالغاً إذا قلت إنه لولا قنصل روسيا وبعض المنصفين من مستشرقي الألمان وعلمائهم لما عرفنا شيئاً عن الخازن، ولما كان بالإمكان نشر هذا المقال. وقد يكون الأستاذ مصطفى نظيف بك أول عربي أشار إلى بعض محتويات كتاب ميزان الحكمة في كتابه: (علم الطبيعة تقدمه ورقيه. . .)، ولكنه لا يذكر شيئاً عن المؤلف بل ولا يذكر أنه الخازن، ويقول: (. . . والكتاب لا يعلم مؤلفه. . .) ثم يردف هذا القول: إن (درابر) يرجح أنه من تأليف الحسن ابن الهيثم. وأظن أن مقالنا هذا أول مقال يظهر في مجلة عربية يبحث عن الخازن ويزيح الستار عن آثاره ويفيه بعض حقه. والذي أرجوه أن يثير هذا المقال أساتذة كلية العلوم في جامعة فؤاد الأول بمصر وعلى رأسهم حضرة صاحب العزة الدكتور علي مصطفى مشرفة بك فيعملون على

<<  <  ج:
ص:  >  >>