للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ما أحوجني هنا لمن أبادله حديثاً بحديث، في غير موضوع الدولارات ونجوم السينما وماركات السيارات. . . حديثاً في شؤون الإنسان والفكر والروح!

دعني أحدثك أولاً عن (المقدمة) فهي تكوِّن مع (مقدمة الترجمة الفرنسية) و (التعقيب على المقدمة الفرنسية) مبحثاً خاصاً له قيمة ذاتية في موضوعه. ثم إن الحديث عنه قد يكون في ذاته حديثاً عن تمثيليتك الجديدة.

ولنسر معاً خطوة فخطوة في بحثك الممتع الطويل. . .

مالي أحس - أيها الصديق الكريم - كأنك خائف قلق من ذاكرة التاريخ؟ ذلك الخوف وهذا القلق اللذان يدفعانك دفعاً إلى تسجيل دورك بقلمك في خط التمثيلية العربية؟

أحب أن أطمئنك منذ اليوم على التاريخ الأدبي لن ينسى لك دورك الأساسي الذي قمت به في وضع (القالب الفني) للمرة الأولى في التاريخ الأدب العربي للرواية التمثيلية. . . وصنعه على أساس فني صحيح. وإلا فإن محاولات كثيرة قد سبقتك لوضع هذا القالب (أشرت أنت إليها إشارة سريعة في مقدمتك، وسيتناولها تاريخ النقد بالتفصيل والتطويل) إلى أن جئت أنت فوفقت نهائياً لتكون قلب فني للحوار يحمل (فكرة) تدخله في باب الأدب، وينهج نهجاً لم يلحقك فيه إلى اليوم أحد، ولست أدري متى يظهر التالي لك، أو المتفوق عليك، فيه؟

هذا دورك الذي لن ينسى. دور في (تاريخ التطور الفني). أما نصيبك الذي سيبقى في باب (القيم الفنية المطلقة) فأخشى أن أقول: إنك لم تقم به، لأنك - في باب التمثيليات - لم تهتد بعد إلى النبع الأصيل الذي تستسقي منه روحك العميقة لا فكرك الواعي، فتنشئ عملا خالداُ فيه حياة وروح

لقد اهتديت أحيانا إلى النبع - ولكن في باب غير باب التمثيلية - في: (نائب في الأرياف) وفي (عودة الروح) وفي لمحات متفرقة في (زهرة العمر) وبعض كتبك الأخرى. أما في باب التمثيلية، فلم يكن لك - غير القالب الفني - شيء يبقى، اللهم إلا خفقات ضائعة مخنوقة في ركام أجنبي غريب!

معذرة يا صديقي، فذلك وجه الحق فيما أرى. وستعلم بعد قليل لماذا أرى. أما الآن فأحب أن أسجل حقيقة أخرى. . . إن دورك هذا الذي حققته إلى اليوم فعلاُ، ليس صغيراً ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>