للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قليل الأهمية. فهو دور حاسم في تاريخ هذا الفصل من كتاب الأدب العربي. أنه القنطرة التي لم يكن منها بد، ليعبر عليها الفنان الأصيل الموهوب فيما بعد. وقد تكون أنت نفسك ذلك الفنان الأصيل الموهوب في عمل فني جدير، حينما تهتدي إلى النبع الأصيل المخنوق في نفسك تحت ركام من الثقافة الغربية الطاغية.

إنني لا أعيب الثقافة - فهي أمر لا بد منه اليوم لتكوين الأديب - ولكن الذي أعنيه أنك أيها الصديق - شأنك في هذا شأن ذلك الجيل كله من الشيوخ - تستلهم ثقافتك الفنية الغربية، قبل أن تجد ذاتك الأصلية.

من هنا يفقد فنك - كما تفقد أعمالهم جميعاً - ذلك الطعم الخاص الذي يتذوقه القارئ في آداب كل أمة، والذي يميزه عن آداب الأمم الأخرى.

إنكم لا تجدون أنفسكم في خضم ثقافتكم. إنكم تمتحون من رؤوسكم أكثر مما تستحون قلوبكم. وهذا هو العنصر الخطر عليكم جميعا.

إنك تهتدي إلي النبع في مقدمتك، ولكن بذهنك الواعي، لا بشعورك الغامض. لهذا يخطئك التوفيق عند التطبيق.

تقول:

(ما من شيء أقوى من الميراث!. . إذا كان للخلود يد فإن يده التي ينقل بها الكائنات من زمان إلى زمان. . . ما طبائع الأفراد وخصائص الشعوب ومقومات الأمم، إلا ميراث صفات وسمات، تنحدر من جيل إلى جيل. وإن ما يسمونه العراقة في شعب ليس إلا فضائله المتوارثة من أعماق الحقب. وإن الأصالة في الأشياء والأحياء هي ذلك الاحتفاظ المتصل بالمزايا الموروثة كابرا ًعن كابر، وحلقة بعد حلقة. . هكذا يقال في شعب أو رجل أو جواد. وكذلك يقال في فن أو علم أو أدب. . .).

كلام صادق ثمين عميق جميل. . . ولكنك تعرفه بوعيك يا صديقي، ولا يكمن مبهماً فعالاً دون أن تدري، في اتجاهاتك الفنية وأعمالك. . .

لقد اتجهت وأنت تحاول وضع القالب الفني للتمثيلية المصرية إلى الأساطير الإغريقية تستلهمها موضوعاتك. . . لماذا لأن نشأة المسرح كانت إغريقية، ولأن الأوربيين - وهم ورثة الإغريق - قد جعلوا المسرح الإغريقي والتمثيلية الإغريقية والأساطير أساساً

<<  <  ج:
ص:  >  >>