يكون آية أو سورة أو آيات متناثرات. ومنهم من أنصرف إلى ناحية خاصة في القرآن فدرس الناسخ والمنسوخ فيه، أو درس ما قد يتراءى من آيات مشكلة أو متشابة، أو تعرض لأسرار ما بدئت به بعض السور من الحروف، أو تحدث في أمثال القرآن، أو إعرابه، أو وصف خطه، أو ألف في علومه
وأشهر تفسير بقي لنا من ذلك العصر هو تفسير القرطبي الذي سماه: جامع أحكام القرآن، والمبين لما تضمن من السنة وآي الفرقان. وتقوم دار الكتب بطبعه وتقدر أنها ستتمه في نحو عشرين جزءا؛ وقد بدأ القرطبي موضحا الخطة التي أنتهجها في كتابه بقوله:(وبعد فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع، الذي أستقل بالسني والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، رأيت أن أشتغل به مدى عمري، وأستفرغ فيه منتي، بأن أكتب فيه تعليقا وجيزا يتضمن نكتا من التفسير واللغات والإعراب والقراءات، والرد على أهل الزيغ والضلالات وأحاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات، جامعا بين معانيها، ومبينا ما أشكل منها، بأقاويل السلف ومن تبعهم من الخلف. . وأضربت عن كثير من قصص المفسرين وأخبار المؤرخين، إلا ما لابد منه ولا غناء عنه للتبيين، واعتضت من ذلك تبيين آي الأحكام بمسائل تسفر عن معناها وترشد الطالب إلى مقتضاها، فضمنت كل آية تتضمن حكما أو حكمين فما زاد مسائل نبين فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير والغريب والحكم فإن لم تتضمن حكما ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل وهكذا إلى آخر الكتاب.) ٍ
وأشتغل بدراسة الحديث رواية ودراية في ذلك العصر طائفة كبيرة عرفت منهم زهاء ثلاثمائة
ولما كانت أمهات كتب الحديث قد وضعت قبل ذلك العصر فإنها قد جعلت أساس دراسة الحديث يومئذ يقرؤها الأساتذة في دروسهم، ويحفظها المحدثون في صدورهم ويدور حوله المؤلفون. فرأينا طائفة من العلماء قد تصدت لشرح هذه الكتب أو اختصارها أو للجمع بينها أو إعرابها أو معرفة ما أتفق عليه مؤلفوها
وظهر في هذا العصر ولوع بأن يجمع العالم من مختاراته أربعين حديثا، فمنهم كن اختارها قدسية، ومنهم من اختارها في الأحكام، ومنهم من جمعها في فضائل القرآن، ومنهم من