للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اختارها متعلقة بالطب، كما تنوعت اتجاهات رجال الحديث في ذلك الحين: فمنهم من جمع أحاديث ترتبط بموضوع معين كما جمع ضياء الدين المقدسي أحاديث الحرف والصوت، والنووي أحاديث الترغيب والترهيب، ومنهم من جمع الأحاديث التي ترتبط بالأحكام الشرعية ورتبها على أبواب الفقه كما فعل ابن دقيق العيد في كتابه: الإمام في أحاديث الأحكام، صنفه في عشرين جزءا، جمع فيه متون الأحاديث المتعلقة بالأحكام مجردة عن الأسانيد ثم شرحه، وجمع في هذا الشرح ما جعله مؤلفا حافلا لم يصنف مثله، ولكنه لم يكمله، ولو كملت نسخته لأغنت عن كل مصنف في هذا الباب.

أما علوم الحديث وتسمى مصطلح الحديث، وهي ما تبحث في أحوال السند، من حيث اتصاله وانقطاعه، وقوة رجاله أو ضعفهم، وفي نقد المتن من حيث صحته أو شذوذه أو تحريفه أو تصحيفه، فقد ظفرت في هذا العصر بكتاب عد مرجعا في هذا الشأن منذ تأليفه، وهو كتاب ابن الصلاح الذي بين أحكامه، وفصل أقسامه، وأوضح أصوله، وشرح فروعه وفصوله

ومن أشهر رجال الحديث المؤلفين فيه حينئذ ابن عساكر، والسلفي، وعبد الغني المقدسي، وابن الصلاح، وعبد العظيم المنذري، ومحي الدين النووي، والشرف الدمياطي

أما الفقه فكان المذهب المعمول به في مصر عندما شبت الحروب الصليبية مذهب الشيعة، فلما ولي صلاح الدين تظاهر الناس بمذهب مالك والشافعي، ولما كان نور الدين محمود حنفيا نشر مذهب أبي حنيفة ببلاد الشام، وقدم منهم عدة إلى مصر

وكان مذهب الشافعي له قصب السبق في مصر ويليه مذهب مالك وأبي حنيفة فأحمد بن حنبل. وكانت المكانة الأولى في الشام لمذهب أبي حنيفة ثم للشافعي، ويحتل مذهب ابن حنبل الرتبة الثالثة بينما يقل مذهب مالك في تلك الربوع

لا أستطيع أن أرسم صورة صحيحة للجهود العلمية التي بذلها علماء الشيعة، فكثير منها قد أندثر بانتهاء العهد الفاطمي لحرص الدولة الأيوبية على محو رسومهم وآثارهم؛ وفي مذهب الشافعي عني العلماء يومئذ بشرح كبريات كتب المذهب الوافدة عليهم، ككتابي التنبيه والمهذب لأبي إسحاق الشيرازي، وكتابي الوسيط والوجيز للغزالي، والمحرر للقزويني. وكان من أهم مختصراته كتاب منهاج الطالبين للنووي

<<  <  ج:
ص:  >  >>