إزالة الفوارق لأن النادي تسوده الديمقراطية، والديمقراطية الحقيقية أساسها نبل العمل لا نبل الوراثة؛ ومن حيث الاحترام المتبادل بين الأعضاء المشتركين في الفكرة والغاية؛ ومن حيث المساهمة العقلية التي تتاح لها الفرصة في النادي أكثر من المدرسة، لأن عضو النادي يجد لذة في إظهار المعرفة، بخلاف ما يكون في الجامعة حيث تدفعه المنافسة إلى الأنانية.
وقد عرض الدكتور سلامة لمسألة تعدد النوادي، فتساءل: هل الأوفق أن يكون النادي لأبناء الثقافة الواحدة أو لأبناء الثقافات المختلفة؟ ثم قال: تلك مسألة خطيرة لأنها أسفرت في بلادنا عن تمزيق لا ينفع عالم اليوم، ولا يمكن أن ينفع عالم الغد. وظهر هذا التمزق في الأحزاب السياسية، وجبر السياسيون هذا النقص بالبرلمانات، فلا بد لنا إذن أمام تمزق النوادي من عمل اتحادات جامعة لكل مجموعة منها ابتغاء الانسجام وتكوين الوحدة التي تعتبر أساساً للقومية والعالمية. . .
وانتقل بعد ذلك إلى واجب الطالب في محيط الجماعة فقال: يخرج الطالب من الأسرة إلى النادي ومنه إلى الجماعة وهي هنا الوطن والقومية، انتظاراً لإعداد النفوس للعالمية، والطالب في غمار الجماعة لابد من أن يلتزم مبادئ ثلاثة:
١) أن يلحم الاتصال بقومه وأن يعتز بمصريته ويعتقد أنها مدنية ككل المدنيات وأنه ليست هناك مدنية واحدة نموذجية تفرض فرضاً على مدنيته، ومن هنا يتكون رأي عام للقومية السياسية والقومية الخلقية. ٢) روح النظام، والنظام أحياناً معناه الحرمان، فتمثل غيرك في كل تصرفاتك، واعلم أنك ستؤذي غيرك بعملك الضار كما أنه سيقع إثمه عليك حتما.
٣) الحرية المطلقة، فلست حراً في الأسرة ولا في النادي ولكنك حر في الحياة، والعلوم تحرر الفكر من الأوهام، ومتى تحرر الفكر تحرر الخلق، ومتى شاعت الحرية أتى اليوم الذي يؤمر فيه الجندي بقتل أخيه الجندي فلا يفعل، لأن الحرية التي فهمها ستضع عقله في رأسه لا في رأس السياسيين الذين يجرونه إلى الحرب كما تجر السائمة إلى المجزرة.