ومن الأسف أنه قد تسربت إلى المقال بعض أغلاط وتحريفات مطبعية أخرى، خصوصاً وأني لم أتول تصحيحه بنفسي كما عادتي نظراً لتغيبي في أوربا، وكان ثمة تحريف آخر هول في شأنه الكاتب تهويلاً سخيفاً؛ فقد نقل العبارة الآتية التي وردت أثناء حديثي عن موقعة رونشفال:
(ولرونشفل ذكرى خالدة في التاريخ والقصص الفرنسيين، فقد كانت مسرحاً للموقعة الشهيرة التي مزق فيها العرب جيش كارل الأكبر (شارلمان)، حين عوده من غزوته لأسبانيا الشمالية، التي نظم فيها رولان وصيف شارلمان أنشودته الشهيرة
والكاتب يظن أنه يقول جديداً حين ينقل إلينا من (لاروس) أن رولان ليس هو ناظم الأنشودة، وأن ناظمها لم يعرف.
ونعود فنقول هنا إن سوء النية الذي يملي على الكاتب كل عباراته أعماه عن أن يرى في العبارة كلها ثغرة ونقصاً يقطعان بأن هناك تحريفاً؛ فقد سقطت في الواقع منها كلمات غيرت كل مبناها ومعناها؛ وقد كان النص، على ما أذكر:(وفي تلك الموقعة، وفي أبطالها الإفرنج ولا سيما هرودلاند أو رولان وصيف شارلمان نظمت الأنشودة الشهيرة) أو ما في معناه.
ومع ذلك فالحديث عن موقعة رونشفال ومصرع رولان وأنشودته يكوّن فصلاً من كتابنا (تاريخ العرب والموريسكيين في أسبانيا)؛ وقد نشر هذا الفصل فعلاً في مجلة (الهلال) الغراء في عددها الصادر في أول فبراير سنة ١٩٣٤ (ص ٤٥٣ وما بعدها)؛ وهذا ما ورد فيه خاصاً بهذه النقطة:
(وتضع الرواية الإفرنجية تاريخ الموقعة في ١٨ أغسطس سنة ٧٧٨ (ذي القعدة سنة ١٦١)؛ وبينما تقنع الرواية العربية بالإشارة إليها في عبارات موجزة إذا بالرواية الإفرنجية والكنسية تفيض في تفاصيلها إفاضة ظاهرة. وأوثق وأدق الروايات الإفرنجية عنها هي رواية اينهارت مؤرخ شارلمان ومعاصره، فهو يفصل حوادثها ويذكر من هلك فيها من الأمراء والسادة، ومنهم اجهارد رئيس الخاصة، وانسلم محافظ القصر، وهرودلاند حاكم القصر البريتاني. وهرودلاند هو رولان بطل الأنشودة الشهيرة التي نظمت عن هذه الموقعة، والتي ما زالت أثراً خالداً لقريض الفروسية في العصور الوسطى؛ ذلك أن