للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذنب. . . فجاءوا إلي بخفي وطيلساني وعمامتي، فلبست ذلك وأخرجت، فجيء بي إلى الدار التي كانت برسم ابن الفرات في دار الخليفة. فلما رآني، أقبل يخاطبني بعظم جنايتي وخطأي، وأنا أقر بذلك وأستقيل وأتنصل فقال: (وهب لي أمير المؤمنين دمك، وابتعت منه جرمك بمائة ألف دينار، ألزمتك إياها).

وقد يعذبون بغير ما ذكرنا. فقد رؤى في أيام المقتدر، رجل في المطبق مغلولا على ظهره لبنة حديد فيها ستون رطلا. ولما حبس إيتاخ أطعم كثيراً فاستسقى فمنع الماء فمات عطشاً.

على أن هناك صلة بين التعذيب عند العباسيين، والتعذيب على أهل أوربة في القرون الوسطى. وإن كان التعذيب في أوربة يفوق تعذيب العباسيين شدة وفظاظة. فلقد بلغوا فيه مبلغاً من القسوة لا يجاريهم فيه أحد. وقد ذهبوا في الظلم والإرهاق مذاهب شتى، وتنافسوا في ابتكار أشد وسائل الإرهاب في السجن فظاعة. من ذلك أن بعض السجون المظلمة التي كان يزج فيها السجناء كانت أشبه بمغاور تحت الأرض، يوصل إليها بسلاليم، لا ينفذ إليها النور. وكانت السلاليم مؤلفة من عدة درجات، يختلف بعضها عن بعض في حجمها وارتفاعها، والغرض من جعلها كذلك تضليل النازل حتى تزل قدمه فيهوي إلى قاع السجن الرهيب.

(يتبع)

صلاح الدين المنجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>