يحفلا به لوجدنا بجانبهما عشرات من الكتاب الشعراء فعبد القدوس والنقشبندي وعلي حافظ ومحمد سرور وغيرهم يكتبون ويشعرون فكان طبيعياً أن تظهر نزعاتهم الشعرية في نثرهم وأن ينهجوا منهجين في النثر كما نهجوهما في الشعر.
والنثر الجديد في الحجاز يحمل طابع الشعر وخصائصه: ففيه خياله الفياض وحماسته المتدفقة، وفيه التعبير عن العواطف والأحاسيس حتى ليخيل إليك وأنت تقرأ نثر المجددين منهم أنك أمام شعر شاعر قد تزاحم خياله ودقت عواطفه؛ فساق إليك المعاني في صور من الخيال مؤثرة، ولا تلحظ من الفوارق بين شعرهم ونثرهم إلا أن الأول موزون، والثاني غير موزون. فتأمل قول (عزيز ضياء) في قطعة عنوانها (وطني).
أنت يا وطني ينبوع تدفقت منه أنوار المدنية والحضارة والعلم.
من روابيك وربوعك، من جبالك وسهولك، من صحاريك وقفارك تعالى فيك صوت الدين الإسلامي الحنيف فسمعته الإنسانية؛ فاستيقظت فيها مواضع الإحساس وانبعث فيها روح الحياة.
منك يا وطني انبثق الفجر الذي بدد ليل الهمجية والوحشية الذي ظلت تتخبط في دياجيره الإنسانية قرونا طوالا.
يا وطني يا مهبط الوحي ومشرق الإصلاح.
يا منجم الأبطال الخالدين ومنبت العباقرة النابغين
يا مهد الحرية والعدالة والمساواة.
يا مهد طفولتي السعيدة، يا من استقبلت فيه وجه الحياة وعرفت فيه معنى الوجود.
يا جوهرتي الغالية يا كنزي الثمين، يا رمز مجد العالم، يا شارة فخر الإنسانية.
أحبك يا وطني.
أتفانى في حبك كما يتفانى الفراش في النور.
يلذ لي أن أحترق بخورا في مجمرة الواجب الذي على نحوك.
من ثدي أمي رضعت لبان حبك.
من حرارة شمسك استمددت حرارة إخلاصي.
من صفاء جوك اكتسب الصفاء ضميري.