للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وسأظل يا وطني.

سأظل وفيا ما دامت لبان أمي تجري في دمائي.

وستظل حرارة إخلاصي ما دامت حرارة شمسك

وسيدوم صفاء ضميري مادام صفاء جوك.

أحبك يا وطني. . . . . . . . . الخ)

ألسنا نرى في هذه القطعة من الخيال وطريقة العرض ما يحملنا على القول بأنها شعر منثور قد توافرت فيه خصائص الشعر في المعاني والأخيلة والأساليب وطريقة الأداء؟!

وقد يكون هذا الإمعان في الخيال ناتجا من عدم تخصص أدبائهم في صنعة من الصناعتين، وقد يكون راجعا إلى قراءتهم أدب المهجر، فإنك لا تكاد تظفر بكاتب من كتاب المهجر لا يقول الشعر، بل إنهم ليحاولون دائما التقريب بين الشعر والنثر: فيخففون من قيود القافية ويتحررون من التزامها، ولكنهم في النثر يكررون بعض الجمل ويلتزمونها بل إنهم يسجعون أحيانا لا لأنهم يريدون السجع ولكنهم يرون مثل هذا في قافية الشعر فيريدون التقريب بينهما لتزول الفوارق.

وهذه الظاهرة يجدها القارئ لنثر الحجازيين فهم خياليون في نثرهم، وهم يتخيرون الألفاظ الموسيقية التي تشبه ألفاظ الشعر وهم فوق هذا وذاك يطرقون به أغراض الشعر العاطفية التي تتدفق حماسة وقوة. وهم كثيرا ما يفصلون الجمل فصلا كأن كل جملة من جمل النثر بيت من أبيات الشعر غير متصل بما بعده في تركيبه وإن اتصل به في معناه.

ومن الأمثلة الحديثة في نثر الحجاز ما كتبه (حسين خزندار) بعنوان (ذراع الجبار) وقد أراد في كلامه أن يصور بطولة جندي جاهد في سبيل الواجب حتى قتل فهو يقول من كلام طويل:

أرأيت تلك السهول الفسيحة؟

فهناك في تلك الأكمة الخالدة.

وهناك حيث التضحية والشهامة.

تثوي عظام الجبار الخالد.

فهي رمز البقاء الدائم.

<<  <  ج:
ص:  >  >>