للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هل أظلمت آرادُها ولطالما ... حسد النهار وشمسه أسحارها؟

وهل المخابئ أصبحت مأوى لمن ... كانت مقاصير المسارح دارها؟

راعت أراملها الحروبُ وخلفت ... في حسرة لا تنقضي أبكارَها

من كل نافرة يدق فؤادها ... لم يتقر الظبي الغرير نفارها

نفرت من الحرب الضروس وربما ... كان النفار من الدلال شعارها

ما للتي ألف المزاهر سمعها ... وزئير آلات الوغى وخُوارها؟

حملت هموم الحرب في باريس مَن ... كانت يداها تشكوان سُوارها

كم غبَّرت بدخانها وجهاً إذا ... بصرت به شمس السماء أغارها

سائل عن القبلات أهليها أما ... زالت تحس شفاههم تيارها؟

كيف القلوب الخافقات صبابة ... تفشي مواعيد الدجى أسرارها؟

شهدت خمائلُها مواقع الهوى ... ما حركت من خيفة أطيارها

شتان بين مواقعٍ ومواقعٍ ... كلتاهما تشكو الضلوعُ أوارها

ما كنت يا باريس إلا روضة ... منيت بسائمة رعت أزهارها

أصمى الحضارةَ من رماك فإنما ... قد كان شعبك للبلاد أعارها

وجنت يداه على علوم طالما ... أجريتِ شرعتها وشدتِ جدارها

ما ضرني إن لم أزرها طالباً ... وقد اقتبست ممن زارها؟

باريس أين دمشق أم بغداد هل ... قصَّت عليك رواتها أخبارها؟

المدن مثل الناس في آجالها ... تفنى البلاد إذا قضت أعمارها

محمود غنيم

مدرس بمدرسة فؤاد الأول الثانوية

<<  <  ج:
ص:  >  >>