قَذَفَتْ بِهِ (الأَمُّ اَلْحنُونُ) جَريَمَةً ... وَرَمَتْهُ في رُكْنٍ مِنَ اْلأَرْكاَنِ!
وَتَسَلَّلَتْ طَيَّ الظَّلاَمِ، وَلَمْ تَخَفْ ... عِنْدَ اَلْجريِمَةِ نِقَمةَ (الدَّيَّانِ)!
وَتَحدَّث الرَّاءُونَ فِيماَ أَبْصَرُوا: ... أَنَّ اللَّقِيطَ كَزَهْرَةِ الْبُسْتاَنِ!
مَرَّتْ بِهِ أَنْثى، فَصاَحَتْ - بَعْدَمَا ... جَسَّتْهُ - صَيْحَةَ رَحْمَةٍ وَحَناَنِ:
ياَ لَعْنَةَ اَلْجبَّار: لُفَّي أُمَّهُ. . . ... أَزِنًي وَقَتْلٌ ياَ بَنِي الإنسان؟!
وَمَضَتْ تُهَرْوِلُ في الظَّلاَمِ كأَنَّماَ ... تَبْغي النَّجاَةَ، وَمَا لَهاَ كَفَّانِ. . .
وَتَجَمَّعَ السَّارُون حَوْلَ مِهاَدِهِ ... وَالطَّفْلُ مُضَّطَرِبٌ: يَداً لِلساَنِ
كُلُّ يُحَوْقِلُ، ثُمَّ يَرْكُضُ هَاَرباً ... فَكأَنَّهُ مِنْ لَعْنِةَ الشَّيْطاَنِ!
تَرَكُوُهُ خَوْفَ الْعاَرِ يَذْوِي عُودُهُ ... وَيَعيشُ في جَوِّ مِنَ اَلْحرِمْاَنِ!
وَأَتى الصَّباَحُ فَقَيَّضَ الرَّحمنُ مَنْ ... نَجَّى الْغُرابَ، وَفَازَ بالطَّيَرَانِ
وَمَضَى الأَسِيرُ مَعَ الرَّفَاقَ مُمَتَّعاً ... بالْعَيْشِ في صَفوٍ وَفي خِلاَّنِ. . .
وَمَضَى اللَّقِيطُ لِمَلْجَأٍ يَلْقىِ بِهِ ... عَيْشَ الْهَوَانٍ عَلَى مَدَى اْلأَزْمَانِ
لاَ أم رَاعِيَةً، وَلاَ أَبَ عَاطِفاً ... فَلْيَحْي بَيْنَ مَذَلَّةٍ وَهَوَانِ
تتَنَكَّرُ الدُّنْيَاَ لَهُ، وَتُذِيقُهُ ... هُوناً بِلاَ عَطْفٍ وَلاَ تَحَنْاَنِ. . .
ياَ لاَبْنِ (آدَمَ): عَاشَ فَي أَقْوامِهِ ... فَظاًّ بِرَغْمِ الْعِلْمِ وَالْعِرفْاَنِ!
ياَ لَلُّطيُورِ: تُرِيكَ مِنْ أَخْلاَقِهاَ ... مُثُلاً بِهاَ تَسْموُ عَلَى الإنسان!
لَمْ تَحْظَ بالتَّعْلِيمِ، أو يُبْعَثْ لَهاَ ... رُسُلٌ، وَلَمْ تَسْتَهْدِ باْلأَدْياَنِ
مَنْ عَلَّمَ اْلإنسان دَفْنَ سَمِيَّهِ؟ ... شَتَّانِ بَيْنَ اْلإنْسِ وَالْغِرْباَنِ!
ياَ لَيْتَ لِي خُلُقُ الطُّيُورِ، وَجَوَّهاَ ... وَصَفاََءهاَ. . . فأَعِيشَ في اطْمِئْناَنِ
مَنْ صَوَّرَ الْمأْساَةَ أَبْرعَ صُورَةٍ؟ ... مَنْ صاَغَهاَ لِلنَّاسِ سِحْرَ بَياَنِ؟
الْكاَتِبُ الْفَذُّ اْلأدِيِبُ هُوَ الَّذِي ... أَضْفَى عَلَيْهاَ باَهِرَ اْلأَلْوَانِ
وَتَمَثَّلَتْهاَ رُوحُهُ، فَبَدَتْ لَناَ ... سِفْراً يُرَدَّدُ آيَةُ الْمَلَوَانِ
أَذْكَتْ لَهيِبَ الْقَوْلِ بَيْنَ جَنُودِهِ ... وَمَضَتْ تُحَرَّكُ رَاقِدَ اْلأَذْهَاَنِ
كَمْ مِنْ فُؤَادٍ كَانَ شاَهِدَ أَمْرِهاَ ... مَا اهْتَزَّ أو نَطَقَتْ لَهُ شَفَتَانِ!
رَبَّ الرَّسَاَلَةِ: أَسْمِعْ الدُّنْياَ كَماَ ... شاََء النُّبُوغُ رَوَاِئِعَ التَّبْيَان