قال الشارح يقول فلولا حبي ثلاث خصال هن من لذة الفتى الكريم لم أبال متى قام عودى من عندي آيسين من حياتي؛ فالأولى مباكرتي شرب الخمر قبل انتباه العواذل، والثانية عطفي إذا ناداني الملجأ إلى والخائف عدوه مستغيثا إياي - فرساً في يده انحناء يسرع في عدوه إسراع ذئب يسكن فيما بين الغضا إذا نبهته وهو يريد الماء؛ فجعل الخصلة الثانية المستغيث وإعانته اللاجئ إليه؛ أما الثالثة أنه يقصر يوم الغيم بالتمتع بامرأة ناعمة حسنة الخلق تحت بيت مرفوع بالعمد - وهذه مثله العليا التي نحتها قصور تفكيره. والغرض أنه ضمن الفتوة إغاثة الملهوف وتلك هي الشهامة، وقد اعتبرها من الخصال الداخلة في مكونات الفتوة. ولنشرح غريب الأبيات فنقول (الجد الحظ والبخت. خمرة كميت اللون ضاربة إلى السوا د والحمرة قال المتنبي.
إذا أردت كميت اللون صافية ... وجدتها وحبيب النفس مفقود
وكره فرسه عطفه لها، والمضاف الخائف والمذعور، المجنب الفرس في يده انحناء. السيد الذئب. الغضا الشجر. المتورد يرد الماء. الدجن إلباس الغيم آفاق السماء. البهكنة المرأة الحسنة الخلق السمينة الناعمة، المعمد المرفوع بالعمد).
وقال المتنبي.
فلما أنحنا ركزنا الرماح ... بين مكارمنا والعملي
وبتنا يقبل أسيافنا ... ونمسحها من دماء العدى
لتعلم مصر ومن بالعراق ... ومن بالعواصم أنى (الفتى)
وإنى وفيت وإنى أبيت ... وإنى عتوت على من عتا
وما كل من قال قولا وفي ... ولا كل من سيم خسفا أبى
قال الشارح لديوانه (أنحنا نزلنا. العواصم اسم بلاد. والفتى الحر الكريم. أبيت أمتنعت، وعتوت تجبرت. سام كلف، والخسف الذل، وأبى امتنع) - وبعد فها إنك ترى المتنبي قد استعمل كلمة الفتى فيا يدل على كمال الرجولة والإنسانية الرفيعة ويتضمن الشهامة والإباء وعزة النفس وإليك أيضا قول الشاعر:
إن (الفتى) من يقول ها أنا ذا ... ليس (الفتى) من يقول كان أبي
ولم يغفل علماء اللغة هذا المعنى وإن لم يوفوه بيانا وإيضاحا. قال الجوهري في (الصحاح)