ولم ألمس في غضونها ذلك الهدوء الذي نعتها به، وإنما لمست فيها صرخة مجلجلة وتهداراً.
إنه لا يزال يتوارد على نفسي، ويرن في سمعي كل يوم حديث تلك القصة التي طلعت بها علينا في صفحات (الرسالة) عن تلك الفتاة التي صوِّرت عارية، فسجلت بذلك على هذا العربي الذي فعل هذا الفعل خزياً لم نسمع به من قبل. يا للعار والقسوة أيحدث مثل هذا في بلد عربي؟
إن القلم الذي تحمله رهيف الحس يحز في نفسي، ويترك أثره في حسي، فهلا رأفت وخففت من إرهافه؟ رأفت! كيف أقولها وأنت الذي في ثنايا فؤادك (رفقاً بالقوارير).
إني لتعجبني تلك النزعة التي تنزع إليها في مناهضة السفور واختلاط الجنسين ومشاركة المرأة الرجل في أعماله، ومن المعروف أن النهضة النسائية قام الرجل فيها بقسط كبير، وكانت له اليد الطولي في توجيه دفتها، وما دام الرجل قواماً على المرأة فهو الذي يحمل وحده وزر هذه التبعة، وهو الذي فتح عليها سدود النهر فجرفها التيار، ثم بعد ذلك قطعت شوطاً بعيداً في عالم الأزياء، وقلدت الأجنبيات، وحملت الشهادات من بكالوريات ودبلومات
إن هذه الحملة التي تقوم بها تكون أجدى وسيلة لو أرسلتها صواعق متوالية في غارات مدوية على الذين بيدهم مقاليد الأمور والحكم، فأن هؤلاء في مقدورهم أن يحملوا الناس على السير بتعاليم الإسلام، وفي مكنتهم إغلاق أبواب الفجور، ومنع إصدار الصحف التي تخدش كرامة الفضيلة.
يا للإساءة التي تصبها على المتعلمات بقولك:(ويجمعهن مجلس بعد هذا كله بالعاميات الجاهلات، فلا تجدهن أصح منهن فكراً، ولا أبعد نظراً، ولا ترى لهذا الحشد من المعلومات الذي جمع في رءوسهن من أثر في المحاكمة ولا في النظر إلى الأشياء، فكان هذه المعلومات التي تصب في اسطوانات الحاكي (الفونوغراف) أن أدرتها سمعت لهجة فصيحة وكلاماً بينا، ونغما حلواً فتقول أنها تنطق، فإذا سألتها وكلمتها رأيتها جماداً أخرس ليس فيها إلا ما استودعته من الكلام الملحن.
هذا يا أستاذ كلام لا تقبله فتاة ولو كانت نصف متعلمة مثلي. هذا تجريح لإنسانيتها التي