ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) وكثير من أمثال هذه الآية. أقول لو رأوا فيها أغلاطاً تخالف متداول لغاتهم لأنكروها عليه وهم لم يقفوا في معاداته وإنكار رسالته عند حد، فقد قالوا عنه أوله؛ إنه شاعر مفتون وساحر ومجنون، وأمثال هذا من القحة والشتم فما الذي صدهم عن المجاهرة في الطعن على لغة الكتاب بعد كل التحدي المؤلم الذي كان يتكرر في آياته؟ فان زعم الطاعنون اليوم أن أولئك قد طعنوا ولم يصل إلينا كلامهم أجبناهم أن الكتاب ذكر قولهم فيه إنه مجنون، وهل هناك نعت يعد أشد إيلاماً من هذا النعت؟
وجملة القول أن الإمام الشيخ إبراهيم اليازجي كان يرى في المطاعن المذكورة نقص اطلاع أصحابها على علوم اللغة وقواعدها وتشعبها في القبائل الكثيرة من العرب. والكتاب كما هو معلوم لم ينزل لأهل قبيلة أو قبيلتين من أفصح القبائل العربية بل لجميع العرب، كما أن واضعي القواعد العربية وجامعي لغاتها لم يحيطوا في كتبهم بكل ما تداولته جميع تلك القبائل، بل اقتصروا على الأفصح تارة وحيناً على الأشهر والأعم لتكون اللغة في ميسور المتعلمين، وهم مع كل احتياطهم وأخذهم بالأحزم لم يجمعوا إلا نحو الثلث من ألفاظ اللغة كما روي كثير من أكابر العلماء كأبي عمرو بن العلاء وابن سيرين وغيرهما. وقل مثل ذلك في قواعدها. قال ابن جني: أخبرني فلان عن فلان عن أبي حاتم سهل بن محمد السجستاني في كتابه الكبير في القراءات قال: قرأ علي أعرابي بالحرم (طيبي لهم وحسن مآب) فقلت له طوبى، فقال طيبي، فأعدت فقلت طوبى فقال طيبي، فلما طال علي قلت طوطو قال طي طي. أفلا ترى إلى هذا الأعرابي كيف نبا طبعه عن ثقل الواو إلى الياء ولم يؤثر فيه التلقين؟
وقال: سألت يوماً محمد بن العساف كيف تقول ضربت أخوك. فقال أقول ضربت أخاك. فأدرته على الرفع فأبى وقال لا أقول ضربت أخوك أبداً
وحكى الكسائي أن قضاعة تقول مررت بّهْ والمالُ لِهْ وأنه فاش في لغتها
ونحن نعلم أن بعض العرب قالوا مررتُ بأخواك وضربت أخواك، وكل هذه وغيرها لغات كثيرة موثوق بها وردت عن العرب. والقرآن ورد على سبع لغات منها، فالطعن في لغته أو لغاته ضعف وقوف على لغات العرب وأقوال العلماء والشراح وهو أمر مفروغ منه
وقال أبن جني: قلت مرة لأبي بكر أحمد بن علي الرازي رحمه الله وقد أفضنا في ذكر أبي