المقالات في التنويه بمزايا إنشاء هذه الجامعة. فخشي اللورد كرومر أن تخرج هذه الفكرة إلى حيز الوجود، فأراد أن يقضي عليها وهي في بدايتها. فشد رحاله إلى الفيوم وألقى خطبة في أعيان تلك المدينة قال فيها (. . إن التعليم الذي تحتاج إليه الأمة المصرية هو تعليم الكتاب فقط.).
وحث الأعيان والحكام في جميع جهات القطر على إنشاء الكتاتيب فجمعت آلاف الجنيهات، ولكن لم ينشأ من الكتاتيب إلا عدد يسير لم يلبث أن حول إلى حظائر للمواشي والأغنام.
كانت سياسة المحتلين هذه حافزاً للمصريين على إنشاء المدارس والعمل على نشر العلم بين أبناء الشعب، فظهرت الجمعيات الخيرية كجمعية المساعي المشكورة بالمنوفية، وجمعية العروة الوثقى بالإسكندرية، وقد جدتا في فتح المدارس وتعليم الفقراء فيها بالمجان، وحذت حذوهما الجمعيات الخيرية الإسلامية والقبطية في كثير من جهات القطر المصري.
إلا أن فكرة الجامعة بقيت حلماً من الأحلام حتى قام أحد أعيان بني سويف في شهر سبتمبر سنة ١٩٠٦ وأعلن أنه تبرع بمبلغ ٥٠٠جـ م لإنشاء جامعة ودعا المصريين إلى التبرع لهذا العمل الجليل. أما هذا الرجل فهو مصطفى بك كامل الغمراوي. وفي شهر أكتوبر من تلك السنة اجتمع في منزل سعد زغلول بك (باشا) بعض الأعيان والوجهاء وشكلوا لجنة لتسليم التبرعات سموها (لجنة الجامعة) وقد قرروا إنشاء جامعة تسمى (الجامعة المصرية) وأصدروا نداء جاء فيه:
(إن جميع الذين يشعرون منا بنقص تربيتهم العقلية يرون من الواجب أن التعليم يجب أن يتقدم خطوة في بلادنا نحو الأمام وإن أمتنا لا يمكنها أن تعد في صف الأمم الراقية لمجرد أن يعرف أغلب أفرادها القراءة والكتابة أو أن يتعلم بعضهم شيئاً من الفنون والصناعات كالطب والهندسة والمحاماة، بل يلزمهم أكثر من ذلك.).
وكان من رأي هذه اللجنة أن تشمل الجامعة التعليم بأنواعه الثلاثة: الابتدائي والثانوي والعالي. ولكن نظراً لتعذر تنفيذ ذلك كما ذكرت ولوجود التعليم الابتدائي والثانوي رأت أن تكتفي مؤقتاً بالتعليم العالي الذي لم يكن له وجود في ذلك الوقت.
وقد تبرع أعضاء اللجنة بمبلغ ٤٤٨٥ جـ م ثم أخذ الناس يبعثون بالتبرعات من جهات