مختلفة: وقد دبت روح الغيرة الوطنية في النفوس. انظر إلى ما كتبته صحيفة اللواء في شهر أكتوبر سنة ١٩٠٦ وهو:(دبت في نفوس الناشئة روح الشعور الشريف نحو مشروع الجامعة المصرية حتى أن من التلامذة من يقتصد من مصروفه الخاص بعض الدراهم فيتبرع بها لذلك المشروع فلقد جاءنا كتاب يفيد أن حضرة أحمد أفندي رأفت التلميذ بمدرسة راتب باشا بالإسكندرية اقتصد من مصروفه خمسين مليماً ودفعها للجنة اكتتاب الجامعة. ونحن نشكر هذا الشعور ونرجو الله تنميته في الناشئة).
ولكن سياسة الإنجليز التي أشرنا إليها قد وضعت نصب عينيها دفن هذا المشروع قبل أن يظهر إلى الوجود. فأخذ رجالهم يحاربون هذه الفكرة القيمة بطرق شتى ويحاولون صرف المصريين عن تحقيق ما يجول في أذهانهم في هذا الصدد. وقد كتب لورد كرومر في تقريره عن سنة ١٩٠٦ يقول (. . ولما كان إخراج هذا المشروع من القول إلى الفعل يقضي زماناً فإني أشير على أصحابه أن يدرسوا تاريخ إنشاء المدارس الجامعة في البلدان الأخرى، ويبذلوا الجهد في إفهام المصريين الغرض الحقيقي الذي يتولونه، ويجدر بهم أيضاً إعمال الفكرة في بعض التفاصيل الخاصة بالمشروع وأهمها تدبير الطلبة وتعيين اللغة التي تتخذ أساساً للتعليم، وإعداد الأساتذة والمعلمين للجامعة في المستقبل فهذه هي الأمور الجوهرية التي يحسن أن يدور البحث الأول عليها، ويتلوها أمر الشؤون المالية وعلاقة الجامعة بنظارة المعارف والمدارس الفنية العالية، وتأليف مجلس إدارة لها ووضع نظام فدارة الطلبة والسكن إلى غير ذلك من الأمور التي تستحق النظر والاعتبار.) ,
بهذا أراد كرومر تثبيط الهمم وإضعاف العزائم، فهو يشير على لجنة الجامعة بأن تبذل الجهد في إفهام المصريين الغرض الذي كانت تتوخاه في حين أنه هو كان يبذل الجهد في محاربة هذا المشروع والقضاء عليه.
ولما كان سعد زغلول هو الذي نهض بتشكيل لجنة الجامعة، وهو الذي جد واجتهد في الترويج لتلك الفكرة، ظن كرومر أنه قادر على قبر هذا المشروع الجليل بإقصائه سعداً عن اللجنة.
وأقدم على تنفيذ هذا الغرض فعين سعد وزيراً للمعارف في سنة ١٩٠٧ فخلفه قاسم أمين بك الذي واصل الجهاد والكفاح. وقد أخذ حافظ إبراهيم يستحث الهمم بشعره ويلهب