للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فالنفس الإنسانية لا تتسامى لحب الجمال الطليق، ولا تحس حقيقة هذا الإحساس الرفيع، ثم يبقى فيها ظل للاستعباد أو صبر على بقاء الأغلال، وهي وشيكة حينئذ أن تخلص من الاستعباد الخارجي ومن مساوئ الحكم والاجتماع الداخلي في آن لأنها تسامت بإحساسها وذوقها وكل عنصر داخلي فيها عن مهاوي الذل والفساد.

وقصارى ما يقال في شوقي أو في حافظ - يرحمهما الله - أنهما شاعران ممتازان بالقياس إلى عصرهما، وأنهما أديا الواجب عليهما في حلقات النهضة الأدبية لأنهما شاعران ممتازان بالقياس إلى الشعر في جميع الأزمان.

وإنك لتجردهما من زمانهما وظروفهما فتجردهما من خير ميزاتهما الفنية؛ وليس كذلك شعراء كالمتنبي وابن الرومي والمعري وإضرابهم في الشرق والغرب، لأن هؤلاء من شعراء الشخصية النموذجية، وهذان من شعراء القبيلة العامة.

وليس أدل عندي من اطراد النهضة الأدبية في مصر - مع قلة الأدلة على هذا مع الأسف - من أن أحداً لم يخلف شوقي ولم يخلف حافظ في طريقتهما، لأننا بهذا توقينا النكسة إلى شعراء القبيلة، وإن لم نرتق إلى شعراء الشخصية إلا في عدد نادر جداً من بين شعراء هذا الجيل.

(حلوان)

سيد قطب

<<  <  ج:
ص:  >  >>