ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ ... منى وبيض الهند تقطر من دمي
فوددتُ تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبَّسم
وما هتف به عنترة هتف به ضابط مصري سمحت له لجنة الأناشيد العسكرية بأن يقول:
مين زيك عندي يا خضره ... في الرقة يا غصن ألبان
ما تجودي عليّ بنظره ... وأنا رايح عَ الميدان
وهذا الضابط اسمه عبد المنصف محمود، ولا أعرف كيف اهتدى إلى هذه الفكرة الطريفة وهو يعيش في زمن مثقل بآصار التصنع والرياء
لقد قيل إن هذا نشيد لا يصلح للجنود وهم يتأهبون للقتال
وأقول إن هذا النشيد من شواهد العافية، فلكل جندي في الجيش أوطار روحية يحن إليها حنين الأصحاء، وتلك الأوطار الروحية هي الحافز الأعظم للاستبسال في ميادين الشرف والوطنية. والجندي الفارغ القلب من عاطفة الحب لا يصلح أبداً للاستشهاد في سبيل الوطن الغالي، لأن الوطن لا يغلو إلا في صدور أرباب القلوب.
وأنا أنتظر أن يسود ذلك النشيد على سائر الأناشيد، فقد هتف به جندي سليم الجسد والروح، وهو أفضل من الأناشيد التي ينظمها شعراء لم يعرفوا الفرق بين السيف والرمح، ولم يسمعوا صوت المدفع إلا في ليالي رمضان!
من الفضول أن أحدثك عن أهمية الحب، ولك فيه تاريخ، ولكني احب أن أعرف كيف يندر أن نجد بين كتابنا من يهتم بتشريح عاطفة الحب؟ وكيف يرانا من سيدرسون آثارنا الأدبية بعد جيل أو أجيال حين يظهر لهم أننا كنا نحسب الحديث عن الحب فناً من فنون المزاح؟
الحب جده جد، وهزله جد، ولا يتجاهل هذه العاطفة إلا الغافلون عن تأثيرها الحسن أو السيئ في تلوين الوجود.
الحب جد صراح، والاهتمام بدرسه يؤدي خدمات عظيمة لعلم النفس، فكيف نسكت عن درسه وهو يواجه الناس في جميع الميادين؟ كيف نسكت عن درسه وله قدرة قاهرة على الضر والنفع، وله تأثير شديد في توجيه مصاير الرجال؟
وبأي حق يخلو أدبنا من تشريح عاطفة الحب؟
وكيف يجوز أن يقهرني العيش في عصر التزمت على الدفاع عن كتاب (ليلى المريضة