في العراق) وهو كتاب أردت به خلق الحيوية الأدبية بين أبناء هذا الجيل؟
إن التوقر الذي يصطنعه بعض الناس قضى على عصرنا بالحرمان من البشاشة والأريحية وقطع ما بيننا وبين ماضينا المجيد يوم كان لنا شعراء لا يهتفون بغير أوطار القلوب.
وأين نحن من العصر الذي عاش فيه عمر بن أبي ربيعه، أو العصر الذي عاش فيه العباس بن الأحنف، أو العصر الذي عاش فيه الشريف الرضي؟
وهل يمكن القول بأن الحاسة الدينية في هذا العصر تفوق الحاسة الدينية في أعصر أولئك الشعراء؟
لا يمكن القول بذلك، فنحن بشهادة رجال الدين أقل حرصاً على الواجبات الدينية من الرجال الذين عاصرهم أولئك الشعراء، والله يغفر لي ولك ولسائر أهل هذا الجيل!
الفرق بيننا وبين أسلافنا لا يحتاج إلى توضيح
كان أسلافنا أصحاء، فكانت عصورهم تجمع بين أشرف صنوف الهداية وأعنف ضروب الضلال، وكان الرجل الديان لا يتورع عن رواية أظرف قصائد الغزل والنشيب، وكان هناك توازن بين حقوق القلوب وحقوق العقول، فكانت الحياة أشبه بالحديقة الغنية التي تجمع في شعابها بين حياض الأزهار والرياحين ومسارب الأفاعي والصلال.
وأين نحن اليوم من أولئك الأسلاف؟
في مساجدهم رويت طرائف الأشعار، ونوقشت مذاهب الزيغ بلا تحامل ولا إسراف، وفي بيوت أتقيائهم دونت أوهام القلوب والعقول، وعلى ألسنة أصفيائهم جرت أحاديث الشك والارتياب، وبفضل ذوقهم الأدبي والفني عاشت أضاليل لها صلات بحيوات الآداب والفنون
أما عصرنا الذي أعرف وتعرف فهو عصر الرسوم والأشكال، وأخشى أن يمر بلا أثر ملحوظ في خدمة العقل والقلب والذوق
وإلا فأين الرجل الصالح الذي يقهرك روحه على التزام حدود الدين؟
وأين المفكر الذي يقهرك إخلاصه للفكر على التزام حدود العقل؟
وأين الأديب الذي يحدثك عن نفسه فتشعر بأنه صادق كل الصدق؟
ومن اجل هذه الرخاوة الفكرية والأدبية والدينية فترت حماسة الناس للفكر والأدب والدين،