للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأصبحت القلوب في مثل حال الشراب المقتول

وهنا أجد الجواب عن سؤالك، أيها الأستاذ الجليل

فأنا أتحدث عن الحب بصفة جدية، وأتعقب أخباره وآثاره في كل ما أرى وما أسمع، وآية ذلك أني لم أنته ولم أنزجر بعد أن رأيت غضبتك في جريدة السياسة يوم ظهر كتاب (مدامع العشاق) وقد قلت انه يحرض على الشهوات، سامحك الله وغفر لك!

وأنا أجد في كل شيء، أجد في الصداقة والعداوة، وأجد في الشك واليقين، وليس أمامي مجال للمزاح، وكيف يتسع وقتي للمزاح وما قضيت يوماً خالياً من الشقاء بالدنيا والناس؟

فما أرضاك عني فهو حق، وما نفرك مني فهو حق، وما خصصتك بغضبي ورضاي إلا لأني أعرف انك تعاقر من فرح الحياة وحزن الحياة بعض ما أعاني. وأنا موقن بأنك تفهم عني ما أريد، لأنك تعرف من سريرتي ما لا يعرف سواك

فما رأيك في الحب؟

ألا ترى انه عاطفة تستحق أن نتأثرها في جميع المسالك؟

وإذا سكتنا عن تشريح عاطفة الحب فمن يتحدث عنها ونحن ندعي النيابة عن الجمهور في تشريح النوازع والأهواء؟

وهل يرضيك أن نصير إلى ما صار إليه من يختارون المحفوظات لتلاميذ المدارس، وقد تحاشوا جميع الأشعار التي تفصح عن إوطار القلوب.

لو كان جميع المعاصرين من (العارفين بالله) لخف الأمر وهان، ولكن معاصرينا من الأساتذة يسمعون حديث الحب من المذياع، ويرون آثاره على الشاشة البيضاء، وفيهم من يتمنى لو سارت أشعاره بين أغاريد أم كلثوم وعبد الوهاب!

يجب أن تعرف أني أخاطب الدكتور طه حسين الذي نقل أروع أحاديث الحب عن أهل الغرب، والذي يحاول أن يطبع الجمهور المصري على تذوق الموسيقى الأوربية، لأنها في رأيه من أصلح الأدوات للتعبير عن العواطف والأهواء.

والأوربيون الذي تعرفهم لا يرون الحب من المزاح، وإنما يرونه عاطفة أصيلة تنقل القلب من مكان إلى مكان، وتسبغ عليه أثواب الصحة والعافية، وتشريح عاطفة الحب هو عندي باب لتربية العواطف.

<<  <  ج:
ص:  >  >>