للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تربية العواطف؟

أعوذ بالله من الجهل بأخلاق زماني ومن التعرض لسفاهة الأقاويل وشناعة الأراجيف!

نعم، أنا أدعو إلى الاهتمام بتربية العواطف، وليقل من شاء ما شاء.

كل شيء في بلادنا موضع اهتمام إلا العواطف، وإهمال العواطف ستكون له آثام أيسرها رياضة الشبان على رذيلة (عدم الاكتراث) وهي أقبح الرذائل وأشدها تأثيراً في قتل حيوية الشعوب.

وهل تستطيع القول بأن الرأي العام عندنا يحس هذه المعاني؟

وما الرأي العام؟ أليس صدى لآراء الباحثين والمدرسين وهم عندنا قوم هيابون خوافون يرون الحديث عن العواطف من فضول القول؟

وخمود العواطف هو الذي قتل الشاعرية في مصر، وهو الذي جعل المصريين أقل الناس إحساساً بمعاني الوجود، وإلا فحدثني عما أقيم على شواطئ النيل من ملاعب، وما أقيم فوق عبابه من سهرات يغنى فيها الشعر ويرقص الخيال؟

هل عندك نبأ عن حدائق القناطر الخيرية؟ وهل سمعت أن إحساس المصريين بالحياة حمل بعض الشركات على أن تنشئ فندقاً هناك؟ ولمن تقام الفنادق في تلك الضاحية السحرية وليس فينا رجل يشوقه قضاء الليل وهو يسمع هدير النيل في شهر آب؟

وهل عندك نبأ عن حديقة الأزبكية؟

ألم تسمع أن حديقة الأزبكية ليس فيها مكان تشرب فيه فنجاناً من القهوة أو الشاي إذا بدا لك أن تقضي فيها ساعة أو ساعتين لمحاسبة نفسك أو مداعبة خيالك؟

ويتحدث الناس في هذه الأيام عن بحيرة قارون بمناسبة زيارة جلالة الملك لإقليم الفيوم، فهل تعرف انه لا يمكن قضاء ليلة بجوار تلك البحيرة إلا في فندق أقامه هناك أحد الألمان؟

وهل سمعت أو سمع أحد من أصحابك أن شاعراً مصرياً قضى ليلة أو بعض ليلة وهو يداعب سمكات تلك البحيرة؟

وما رأيك في (بحيرة التمساح)؟

هل سمعت لها خبراً في قصيدة أو رسالة أو كتاب لأديب من أهل هذه البلاد؟

وهل خطر لك أن تقضي ليلة بجوار تلك البحيرة عساك تعرف شيئاً من أخبار مدينة

<<  <  ج:
ص:  >  >>