الدين، حتى أتى هؤلاء وجادوا علينا بأقصى غاية الجود فأصبحنا في غنى كبير
إن الله وحده هو الذي استطاع أن يشتري هذه النفوس الشابة من أسواق الحياة الناعمة وأن يرفعها على أعين المسلمين شهيدة كما ترفع الراية أمام الجيش المهزوم فتجمع فلوله، وتذكره بشرفه وترده إلى فكرة وطنه وأهله وذرياته ومصالحه
لقد أعطى الفلسطينيون أممهم الإسلامية والعربية قطعة من الزمن الخالد الذي يقف في مكانه من ذاكرة التاريخ جديداً عجيباً دائماً! مع الأيام الخالدات التي مضى الدهر وتركها للناس لأنها الساعات الفاصلة في وجود نوعهم على وجه الأرض. . . فهم يحتفظون بها في يقظة واعتزاز ويسلمونها كذلك إلى الذريات والأنسال
ولقد كتبوا بدمائهم وآلامهم براهين جديدة على صدق مولانا محمد، وأنه لن يزال مستطيعاً بحفنة من أبنائه أن يفعل في الدنيا الجديدة ما فعله في الدنيا القديمة بحفنة (بدر)!
أتقرءون أيها القراء أخبار ثورة فلسطين كما تقرءون بقية الحروف السوداء في الصحف؟
إني أقسم أني أراها حمراء نارية، صارخة، مطاردة، متربصة، لها وجوه وأجسام تسعى على الصحف كما تسعى وتحيا معانيها ومدلولاتها في الجبال والوديان والكهوف والمدن والقرى!!
إنها أول ما أبادر إلى قراءته كل يوم قبل الوضوء والصلاة لأغسل قلبي بالدم الكريم الذي يفيض من حروفها على نفسي. . ولأتلوها صلاة قبل الصلاة المكتوبة التي أقف فيها بعدئذ بنفس تشعر أنها ذليلة طريدة لم تدخل إلى الله كما دخل هؤلاء المجاهدون، وتشعر أنها في آخر الصفوف حين تكتفي في خدمة الله والحق والمجد بتزويق الحروف!
وقد أصبحت حريصاً على أن أدخل إلى نفسي في صباحها ومسائها أخبار هذه الزلزلة والتحطيم ومصارعة عوامل قوة الضعف لعوامل ضعف القوة، لأرى كيف تترك النفوس المؤمنة الشريفة حياة اللذة والرفاهية وتعيش في الجبال مشردة كالصقور والنسور. ولا ريب أن هذا يفتح أعيننا اللاهية على آفاق في الحياة رؤيتها ألذ من اللذة بألوان النعيم المعهود