للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذا اقتراحنا عسى أن ينظر إليه رجال الأزهر بما يستحق من عناية تليق بموضوعه، لينصرفواٍ بعد تعديله أو إقراره إلى ناحية العمل المنتج المثمر

نرى من أهم واجبات الأزهر الآن أن يؤلف هيئتين علميتين من نابهي رجاله لا ينظر في تكوينهما إلى ما يحب بعض شيوخه أن ينظر إليه من الشكليات. على أن تعنى واحدة منهما بمخلفات المسلمين في الناحية التشريعية فتخرجه إخراجاً جديداً وتلبسه ثوباً جديدا، وتعرضه على الناس في أساليب يألفونها ويجدون طريق الوصول إليها معبداً ميسوراً. ويقوم الأزهر بنشر هذا التراث في زيه الجديد على نحو ما تفعل الهيئات العلمية

وتعنى الثانية بدراسة القوانين الوضعية المعمول بها الآن في القضاء أو في الإدارة أو في نظام الشركات أو ما إلى ذلك، وتستخرج من الشريعة الإسلامية السمحة قوانين مسايرة لروح العصر تحل محل هذه القوانين وتؤدي مطالبها وترسم الخطة المحكمة التي ينبغي السير عليها في نواحي الإصلاح عامة

وعلى الأزهر بعد ذلك بمعونة أولئك الذين اعترفوا جميعاً بوجوب السير على مقتضى النظم الإسلامية وصلاحيتها دون سواها أن يعمل على تطبيق هذه القوانين الجديدة على الناس شيئاً فشيئاً حتى يكون الحكم بينهم بما أنزل الله

وإذا قيل كيف ينفق الأزهر على هاتين الهيئتين الآن والموارد قليلة، ذكرنا على سبيل المثال - وإن كان شرف المقصود كفيلا بتدبير المال الوافر - أن الأزهر يحبس من ميزانيته كل عام خمسة آلاف من الجنيهات باسم نشر الثقافة، ونحو هذا المبلغ الضخم لشيء لا يعرفه أحد من المثقفين يسمونه مجلة الأزهر، فأولى له أن يوجه هذه الآلاف الكثيرة ونحوها إلى هذه الناحية من الإصلاح منتهزاً هذه الفرص المواتية حتى تغزو التعاليم الإسلامية نظم الإدارة والسياسة ونظم التعليم والتشريع والقضاء

وبذلك يحقق الأزهر رسالته الكريمة، ويؤدي واجبه المقدس، ويحمل الناس على الاعتراف بوجوده ونفعه والاتجاه إليه، ويفهم فن فتنتهم المدينة الغربية بزخرفها وزينتها أن الإسلام هو الدستور الصحيح للحياة، وأن تعاليمه السامية هي الكفيلة بإسعاد الناس والترفيه عنهم

عبد العزيز محمد عيسى

المدرس بمعهد القاهرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>