هذا الواجب كان جسما لا روح فيه. وأكثر الأشياء عندنا، كما يقول فضيلة الأستاذ الأكبر: أجسام لا أرواح فيها. وما نحب للأزهر أن ينزل إلى ذلك
وإذا كان الناس فيما مضى يعللون ابتعاد العلماء الأزهريين عن مثل هذه المواطن بكبر السن وحب العزلة عن الناس وعدم المعرفة بطرق الاتصال وأساليبه، فأن هذا العذر لا يقبل الآن وعلى رأس الأزهر رجل مفكر يحمد له الناس نشاطه في نواحي المجتمع، وحسن صلاته بكثير من البيئات العلمية وغيرها، ويعقدون عليه آمالاً جساماً في إصلاح جرئ لا يعرف المجاملة ولا المداراة
٣ - إذا كان التقصير عيباً، فان من أقبح ذلك وأفظعه التمادي في القصير. ولذلك يرى من لاحظوا على المؤتمر أن من واجب رجال الأزهر أن يتداركوا هذا التقصير، ويقبلوا على عمل يبين الناس وجودهم ومجهودهم وينصرفوا إلى ذلك مخلصين ليرضوا ضمائرهم أمام الله والتاريخ، وأمام الأبناء والأحفاد
وإن أشد ما يخشاه المخلصون أن تتجاوب الأصداء من حول الأزهر بالدعوة إلى الإصلاح الاجتماعي على أساس النظم الإسلامية ويقف رجال الأزهر موقف المتفرج أو المتحرج
ليس ذلك لأن هذه الدعوة ستموت كما ماتت دعوات، أو لأن الناس سيتركون التشريع الإسلامي في هذه المرة إلى غيره وتتكرر مأساة الفقهاء في عهد إسماعيل، فإن شيئاً من ذلك لن يكون إن شاء الله؛ ولكن لأن الناس حين يترك الأزهر معالجة هذه الشؤون، سيرونه شيئاً لا فائدة فيه، حتى في تنفيذ ما هو من رسالته. وهذا يؤدي بهم إلى محاولة التخلص منه والقضاء عليه. فان لم يستطيعوا ذلك لأمر ما نحوه عن الطريق وأغمضوا عنه العيون وتركوا أهله في عزلتهم يهيمون
لذلك يجب أن ينتبه الأزهر إلى مثل هذه الدعوات في المستقبل ويحرص على الاشتراك في هذه الأمور اشتراكاً عملياً نافعاً، ويغزيها برجاله وأفكاره وخبرته، ويعمل على إنجاحها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً
ولا ينبغي أن تقوم دعوة إلى مثل هذا العمل مرة أخرى ثم لا يكون الأزهر في مقدمة الدعاة إليها والمنفذين لها
وإذا كان لنا - بعد تسجيل هذه الملاحظات - أن ندلي برأي عملي في هذا المقام، فها هو