نواب الأمة وشيوخها لينادون بذلك الذي ينادي به الناس ويجهرون به على مسمع من رجال الحكم وتسجل آراؤهم في هذه الناحية بين التصفيق والإعجاب
ورجال الحكم أنفسهم لا يقفون في هذه الطريق ولا يعوقون عنها، فقد رأينا كثيراً من كبارهم يشتركون في المؤتمر ويحرصون على نجاح دعوته. وهذا وزير من وزراء الدولة يأتي بنفسه فيفتح جلساته وينوه فيه بتعاليم الإسلام السامية ونواحي إصلاحه التي لم يصل أحد إلى مثلها، ثم يقول:(أن هذه الثورة الاجتماعية العظيمة قد مكن لها الإسلام في جميع العصور بما وضع من المبادئ العامة التي يجب أن تكون سنن الاجتماع في كل أمة وفي كل عصر. وبما ترك من التفاصيل والجزئيات التي يجب أن تكون موضع الاجتهاد لمن يتقيدون بأمر الله ونهيه، ويستمدون بحثهم من روح الإسلام ويلائمون بينه وبين الزمن والبيئة)
بل إن جلالة الملك حفظه الله ليحب ذلك ويرجو أن يكون، وقد تواتر الحديث عن جلالته بهذه الرغبة الكريمة. وكان آخر ما سمعناه من ذلك ما رواه عن جلالته شيخ الإسلام ليلة الاحتفال بعيد الجلوس الملكي في هذا الشهر حين قال فضيلته:(إن من أعز أماني جلالته أن يرى البلاد تسير على نظام اجتماعي يستند إلى دينها وتقاليدها)
فالدواعي أذن متضافرة للعمل على هذا النوع من الإصلاح الاجتماعي ورسم الطريق المثلى أمام الناس بعدما أعدوا أنفسهم لتلقي هذه التعاليم المباركة. ولا نحسب بعد ذلك كله أن عقبة مهما كانت تقف في سبيل هذا الإصلاح الذي يتطلع إليه الشعب ويحرص عليه مليك البلاد
٢ - مما يدعو إلى الأسف أن الأزهر الرسمي لم يشترك في هذا الفعل الجليل الذي يفرضه عليه واجبه وتحتمه طبيعة رسالته. وليس من شك أن الأزهر لم يوجد لتخريج العلماء وتدريس هذا اللون من الكتب المعقدة فحسب؛ ولكن عليه إلى جانب ذلك واجباً أسمى: هو إطلاع الناس عامة على مزايا الإسلام وصلاحيته للنهوض بأعباء الحياة الاجتماعية في شتى صورها، وتنقية الأذهان من هذه الشبه الباطلة التي ألصقت به زوراً وبهتاناً، وتأثر بها كثير ممن يلون مناصب الحكم والتشريع في البلاد؛ لأن الأزهر خصص لرعاية الدين ونشر تعاليمه وتوصيل قبسه إلى الناس. فإذا لم يقم بما خصص له ولم يؤد