العلوم لم يماثله أحد من أهل زمانه في العلم الرياضي ولا يقرب منه، وكان دائم الاشتغال كثير التصنيف وافر التزهد. . .) وقال ابن القفطي:(إنه صاحب تصانيف وتآليف في الهندسة، كان عالماً بهذا الشأن متقناً له متفننا فيه، قيما بغوامضه ومعانيه، مشاركا في علوم الأوائل أخذ عنه الناس واستفادوا. .)
وكذلك عرف الإفرنج قيمة ابن الهيثم فأنصفوه بعض الإنصاف واعترفوا بتفوقه وخصب قريحته فنجد دائرة المعارف البريطانية تقول:(إن ابن الهيثم كان أول مكتشف ظهر بعد بطليموس في علم البصريات. . .)
وجاء في كتاب تراث الإسلام:(إن علم البصريات وصل إلى أعلى درجة من التقدم بفضل ابن الهيثم) واعترف العالم الفرنسي لوتير فياردو بأن كبلر أخذ معلوماته في الضوء ولاسيما. ما يتعلق بانكسار الضوء في الجو من كتب ابن الهيثم. ويقول سارطون (إن ابن الهيثم عالم ظهر عند العرب في علم الطبيعة بل أعظم علماء الطبيعة في القرون الوسطى ومن علماء البصريات القليلين المشهورين في العالم كله. . .).
ولعل الأستاذ (مصطفى نظيف) أول عربي في هذا العصر أنصف ابن الهيثم بعض الأنصاف ووقف على التراث الضخم الذي خلفه في الطبيعة ولاسيما فيما يتعلق ببحوث الضوء. قال الأستاذ نظيف في مقدمة كتابه النفيس الفريد (البصريات) ما يلي:. . (والذي جعلني أبدأ بعلم الضوء دون فروع علم الطبيعة الأخرى أن علماً ازدهر في عصر التمدن الإسلامي وكان من أعظم مؤسسيه شأناً ورفعة وأثراً الحسن بن الهيثم الذي كانت مؤلفاته ومباحثه المرجع المعتمد عند أهل أوروبا حتى القرن السادس عشر. . .) فلقد بقيت كتبه منهلا عاماً نهل منه أكثر علماء القرون الوسطى كروجر باكن وكبلر وليونارده فنسي وبووتيلو وغيرهم. وكتبه هذه وما تحويه من بحوث مبتكرة في الضوء هي التي جعلت ماكسي وماير هوف يقول صراحة:(إن عظمة الابتكار الإسلامي تتجلى في علم البصريات. . .)
ومن أهم كتب ابن الهيثم وأكثرها استيفاء لبحوث الضوء كتاب (المناظر) ويتبين من هذا الكتاب أن ابن الهيثم هو الذي أضاف قانون الانعكاس القائل بأن زاويتي السقوط والانعكاس واقعتان في مستوى واحد. وقد أدخل فيه أيضا مسائل مهمة عرفت (بمسائل ابن