الذي يقال له فيدياس فقد قيل عنه إنه أخرج أحسن دمية عرفها التاريخ، ومن ذلك الرجل الذي يقال له فيدياس فقد قيل عنه إنه أخرج أحسن دمية عرفها التاريخ، ومن ذلك الرجل الذي يقال له (دافتشي)، ومن ذلك الرجل العابس الذي كان يكره أمه كرهاً عميقاً وانفصل عنها ثم جمعتها المصادفة في موطننا العزيز أعني به (شوبنهور). ليس يضحكني أكثر من هذه الشخصيات الغربية التي تبددت في شخص امرأة جميلة، رآها فيدياس فقال إنها أجمل مما صاغته يده؛ ورآها دافتشي فاعترف بحقارة فنه تجاهها؛ ورآها الرجل العابس شوبنهور فأقر بخطأ رأيه في المرأة وعادت العلاقات بسببها مع أمه، تلك المرأة المتحذلقة، ورآها لويس الرابع عشر فأمر مدام ببادور أن تكون خادمتها، واستحت كيلوبطرة أن تظهر أمامها لئلا تفقد شهرتها التاريخية.
وكان هذا الشيطان مع حداثة عهده قديراً مبدعاً في مخاطراته، وساخراً بارعاً في أفعاله؛ وكان زميله ينصت إليه بشوق ولذة، فقال له وهو معجب: هيه يا بعلزبول! فاستمر الأول يقول: تصور هذا الجمع من المجانين تظهر في وسطهم حورية! لقد كنت أتودد إلى كل واحد منهم على حدة حتى أدعه يثق بأنها أصبحت أسيرة هواه، فإذا استقر هذا الرأي في ذهنه تحولت عنه إلى آخر، ومثلت هذا الدور نفسه مع كل واحد، وبذلك استفززت غيرتهم جميعاً فنشب بينهم الخصام. وسمعت شوبنهور يقول بعد ما قاسى الخيبة:(محال أن أنزل عن رأي الذي ذكرته في المرأة. إنها الخادعة الماكرة) وسمعته ينادي نيتشه: تعال يا بني وهات معك سوطك لكي أتفاهم مع هذه المرأة المغرية) فقد ضحكت كثيراً من حركات هذا الفيلسوف العصبية. وددت لو صورت نفسي على مثال كلبه لكي أمزح معه، ولكني أشفقت على أعصابه. لقد كان يوماً جميلاً حقاً ظللت فيه أبحث عنك لكي تشهد هذا الفصل المضحك فلم أجدك، فأين كنت؟
- كنت مشغولاً بدعاية من نوع دعايتك. فقد هيأت لنيرون أن يشمل النار في جهنم ليزيد في لذته، فإذا استعد لذلك ظهرتُ كالمارد فاستخزى وسكن جنونه. ولكني في الحق سئمت هذا المزاج وتاقت نفسي إلى شيء جديد.
فقال الشيطان الأول: وأنا كذلك أريد تجديداً.
ثم قال فرِحاً كمن طرأ عليه خاطر جميل: دعنا نمزج ونسخر مع من في الأرض الليلة؟