بعيداً عنا أطول مدة ممكنة، حتى يمتص المستعمرون وأعوانهم الثمالة الباقية من ذخائرنا، ثم بعد ذلك نكون جسداً هامداً لا خير فيه.
إذا أردنا أن يكون الإسلام أسلوب حياتنا فعلى كل مسلم أن يكون صاحب دعوة وصاحب رسالة. عليه أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن الواجب لا يتم إلا به، فعليه جزء منه، وعليه أن يبذل في سبيله، لا فرق بين رجل دين وغيره. فالإسلام، والعمل له، والإيمان به، دعوة كل مسلم ورسالته. والمسلمون جميعاً مسئولون عنه لا فرق بين إنسان وإنسان. أما هذا الكلام المعلول في مسؤولية المسلمين فليس من الإسلام في شيء. ليس في الإسلام رجل دين ورجل دنيا، ولا رجل مسؤول ورجل غير مسؤول، ولا فرد يعمل وآخر يعتمد على عمل غيره، إذ كل المسلمين في نظر الإسلام سواء، وهم مكلفون العمل له والإيمان به، لا يغني بعضهم عن بعض شيئاً.
إذا أردنا أن يكون الإسلام أسلوب حياتنا فعلى كل مسلم أن يهتدي به في حياته، فيحققه في كل عمل وقول، ويتجه إلى وجهته. ويشيعه في حياته العامة والخاصة، ويعتنقه مبدأ لا يحيد عنه، ويشارك به فيما يرى من رأي أو يرغب من رغيبة
على كل مسلم أن يجعل حياته إسلامية، وأن يفيض من خيرها وبرها على الوجود من حوله، وأن يحمل غيره على ما يحبه له ولنفسه وللناس جميعاً، من خير لا ينقطع، وبركة زاكية، وحب شامل، وإخلاص عميق في كل ميادين الحياة، في التجارة والزراعة، في التعليم والسياسة، في الاجتماع والاقتصاد، في خاصة الرجل وخاصة المرأة وفي المشترك بينهما.
ليس في هذا مشقة على أحد. فكل إنسان يستطيع أن يرسم حياته بالطريقة التي تروقه وتحلو له. وحياة الفرد ليست غير تحقيق عملي لعواطفه وأفكاره. وحوافز النفس وخلجات الضمير هي أمهات جلائل الأحداث. وتاريخ الأبطال والعظماء ما هو إلا انعكاسات القلوب الكبيرة والنفوس النبيلة.
إننا ننعى على الحكومة موقفها من الإسلام. والواجب أن ننعى على أنفسنا مثل ما ننعاه على هذه الحكومات، لأننا نستطيع أن نعمل الكثير لأنفسنا وللإسلام من غير أن نلجأ إلى حكومة نسألها العون ونستجديها العطف، حياتنا المنزلية، وحياتنا مع أصدقائنا، وحياتنا في