عملنا، وسلوكنا مع الناس عامة، وحياتنا الذاتية التي لا يطلع عليها إنسان - كل هذه مجالات مختلفة متفاوتة، نستطيع أن نحياها صحيحة وأن نبعثها إسلامية. وذلك متى ما تصورنا حياة سهلة سائغة سمحة واتخذنا هذا التصور هدفا لنا ومثالاً نسعى إليه.
وقد قرأت في مجلة الثقافة مقالاً لكاتب مسلم، هو الأستاذ محمد عبد الله عنان، وقد عنون الكاتب موضوعه بهذا العنوان (المرأة والحقوق الدستورية، لا محل للاحتكام بشأنها إلى الدين) ومن هذا العنوان وحده نستطيع أن نلمس حرص الكاتب على تخلي الدين على حياتنا العامة. مع أنه يجب أن نحتكم إلى الفكرة الإسلامية في كل شؤوننا العامة والخاصة، شؤون الفرد والجماعة، شؤون الرجال والنساء، شؤون الأطفال والبالغين، في عملنا السياسي أو الاجتماعي أو التهذيبي أو الذاتي، في سلوكنا الظاهر وسلوكنا الخفي. نحتكم إلى الفكرة الإسلامية في كل هذا حتى نتعرف على مواضع الرشاد ومواضع الزيغ في سلوكنا، وإذا ما نادى إنسان بمثل هذه الدعوة التي نادى بها الأستاذ عنان فإننا نعتبره أحد رجلين: إما أن يكون رجلا لا يعرف من أمر دينه الكثير، وإما أن يكون رجلا يعين غيرنا علينا. وهو على كلا الحالين غير محمود ولا مشكور.
يقول الأستاذ محمد عبد الله عنان في مقاله هذا (. . . ولا محل على الإطلاق أن يتخذ الدين أساساً لمثل هذا الموضوع، سواء لتوكيد التحريم أو الإباحة، وإذا كانت مصر دولة إسلامية فليس معنى هذا أنها دولة دينية، أو بعبارة أخرى أنها دولة تطبق أحكام الدين في سائر نواحي حياتها العامة. فالنظم الأساسية والقوانين المدنية والجنائية المصرية كلها نظم وقوانين تطبعها الصفة اللادينية. ولا يطبق في مصر شيء من أحكام الشريعة الإسلامية في العبادات أو المعاملات أو الحدود بصورة جبرية، فلا تقطع يد السارق ولا يرجم الزاني، ولا يعاقب شارب الخمر أو تارك الصلاة أو مفطر رمضان، وغير ذلك ولا يطبق منها إلا ما أمكن تطبيقه في شؤون الزواج والأسرة والميراث والوقف (القضاء الشرعي) وحتى هذا يعتبر قضاء استثنائياً بالنسبة للقضاء الوطني العام)
ويستطرد الكاتب قائلاً (فإذا ما تقرر ذلك، وهو أن النظم والقوانين المصرية هي نظم مدنية لا دينية، لأنها هي النظم والقوانين التي توافق روح العصر، ومقتضيات الحياة الاجتماعية الحديثة، فلا محل إذا لأن نجعل الدين حكماً في مسائل لا علاقة لها بالدين ولا تمس العقيدة