الدينية ذاتها، ولا محل إذا لنرجع بمطالب المرأة السياسية والاجتماعية إلى أحكام الدين ما دامت هذه المطالب لا شأن لها بالعقيدة الدينية. . .).
وتخرج من هذا الاقتباس بثلاث نقاط هامة مؤلمة ومؤسفة في نفس الوقت:
مصر دولة مسلمة ولكنها لا دينية، فدينها الرسمي هو الإسلام، غير أنها لا تطبق أحكامه في حياته العامة. والنظم والقوانين المصرية مدنية موافقة لروح العصر ومقتضيات الحياة الاجتماعية الحديثة. ومعنى هذا أن الدين وأحكامه لا يوافق روح العصر ومقتضيات الحياة الاجتماعية الحديثة.
أن الدين قد ضاق مجاله، ولم نطبق منه إلا ما أمكن تطبيقه وهو شيء يسير في شؤون الزواج والأسرة والميراث والوقف بحيث أصبحت هذه الأحكام اليسيرة قضاء استثنائياً بالنسبة للقضاء الوطني العام.
يمثل هذا الأسلوب في الكتابة والتفكير يتناول بعض الكتاب الحديث عن دينهم وحياتهم العامة. وهم يخلطون ما يرونه في واقع حياتنا بآرائهم الخاصة ونظرياتهم في الإسلام وصلاحيته. وإذا كانت حياتنا قد انحسر ظل الإسلام عنها في كثير من نواحيها، فليس معنى هذا أن ندع الأمور تجري إلى غايتها المشئومة، بل علينا أن نعرف ما نحن فيه وما نطمح إليه والأسباب التي توصلنا إلى ما نتمنى، والأسباب التي أدت إلى ما نحن فيه الآن، وأن نقرن ذلك كله بما كان لنا من ماضي زاخر مجيد والأسباب التي دفعت إليه - كل ذلك لنستخلص العبرة التي تقوم على ضوئها أسلوب حياتنا الراهنة، ونعالج مشاكلنا المعقدة، وننهض من كبوتنا السياسية التي لا تجد منها مقيلا.
إن الأمم الغربية الاستعمارية تنتفض فزعاً كلما فكرنا في ديننا وفي إخراجه إلى مجال الوجود العملي. والسبب في هذا ليس خافياً على أحد إذ أن هذه الأمم الغربية على يقين راسخ من أن ديننا ينظم حياتنا ويهذب نفوسنا، ويبعث الكامن فينا من القوة الخفية، ويوحد وجهتنا، ويبلغنا رشداً. وإذا كان أمرنا كذلك، فإنها الحرب على الاستعمار والاستغلال والفساد، وإنه البعث الجديد الذي ننشط منه إلى قيادة العالم وصدارة الأمم، وحينئذ لا يبقى لأمم الغرب سبب واحد تطمئن إليه، وتعتمد عليه، في تثبيت أقدامها في أنحاء العالم الإسلامي لاستغلاله وتسخيره.