والقباب الديباج بالحلي، والعسكر في زيه من الأتراك والديلم والعزيزية والأخشيدية والكافورية، وأهل العراق بالديباج المثقل والسيوف والمناطق الذهب. وعلى الجنائب السروج الذهب بالجوهر، والسروج بالعنبر، وبين يديه الفيلة عليها الرجلة بالسلاح والزرافة، وخرج بالمظلة الثقيلة بالجوهر وبيده قضيب جده عليه السلام فصلى على رسمه وانصرف)
فإذا عاد الخليفة من الصلاة كان ثمة سماط آخر أبهى وأروع وهو السماط الثاني لعيد الفطر؛ فيجلس الخليفة في مجلسه وأمامه مائدة من فضة يقال لها المدورة وعليها أواني الذهب والفضة غاصة بأفخم الأطعمة وأشهاها؛ وقبالة المائدة الخلافية سماط ضخم يتسع لنحو خمسمائة مدعو، وقد نثرت عليه الأزهار والرياحين وصفت على حافتيه الأطباق الحافلة بصنوف الشواء والطيور والحلوى البديعة، وجلس إليه رجال الدولة والعظماء والأكابر من كل ضرب وأكل من شاء دون إلزام حتى لا يرغم على الإفطار من لا يرى الإفطار في ذلك اليوم؛ وعند الظهر ينفض المجلس وينصرف الناس
وأما عيد الأضحى أو عيد النحر كما كانت تؤثر تسميته في ظل الدولة الفاطمية تنويها بأبرز مظاهره ألا وهي نحر الأضحية، فقد كان يحتفى به بركوب الخليفة إلى الصلاة على النحو المتبع في صلاة عيد الفطر ثم يخص بسماط حافل يقام في أول يوم منه. بيد أنه يمتاز بركوب الخليفة فيه ثلاث مرات متوالية في أيامه الثلاثة الأولى، ويمتاز بالأخص باشتراك الخليفة نفسه في إجراءات النحر؛ وكان قيام الخليفة بهذا العمل من أروع المظاهر والمراسيم التي جرت عليها الخلافة الفاطمية في الأعياد العامة. فلنتصور أمير المؤمنين متشحاً بثوب أحمر قان يسير في موكبه ماشياً إلى دار النحر الخلافية - وقد كانت تقوم في ركن خارجي من القصر - وبين يديه الوزير وأكابر الدولة والأساتذة المحنكون (وهم المشرفون على شؤون الخاص) ويكون قد اقتيد إلى النحر واحد وثلاثون فصيلا وناقة أمام مصطبة يعلوها الخليفة وحاشيته، وقد فرشت حافتها بأغطية وبطائن حمر يتقى بها الدم، وحمل الجزارون كل بيده إناء مبسوطا يتلقى به دم الضحية؛ ثم تقدم رؤوس الأضاحي إلى الخليفة واحدة فواحدة، فيدنو منها وبيده حربة يمسك بها من الرأس، ويمسك القاضي بأسل سنانها ويجعله في عنق الدابة فيطعن بها الخليفة، وتجر من بين يديه حتى يأتي عليها