- اسمعي، يا حواء، إن الخُلد غاية شريفة - كما تقولين - ولكني أبغضه أشنع البغض، لأنه يوجب أن أعيش في صحبة عقلك الأجوف إلى ما لا نهاية له من الآباد. . . إني ضَجِرت، ضجرت، مع أن صحبتنا في الجنة قريبة العهد، فكيف أصنع إذا كتب الله عليَّ أن أكون من الخالدين في جوارك يا حواء؟
- تغضب مني يا آدم وأنا أدعوك إلى الخُلد؟
- هو خُلدٌ حرام لا حلال. . . وما يليق بنا أن نعامل الله في كرمه بغير الامتثال
- أَتصِفُ الله بالكرم وهو يبخل علينا بشجرة لا يساوي حطبها درهمين؟
- ألم أقل: إن الله يختبر قُوانا النفسية بتحريم تلك الشجرة؟ وإذا عجزنا عن كبح النفس في البعد عن شجرة لا يساوي حطبها درهمين، فكيف يكون المصير لو نُهينا عن شجرة مصوغة من عيون العذارى وخدود الملاح؟ المعصية بغيضة يا حواء، لأنها تضيفنا إلى أهل الكفران، وما يجوز لمن يعيش في مثل هذا النعيم أن يفكر لحظة واحدة في عصيان المنعم الوهاب
- الله منعمٌ وهاب، وهو يبخل بشجرة لا يساوي حطبها درهمين؟
- الآن عرفتُ أنك امرأةٌ سليمة الأعصاب والحواسّ إلى أبعد الحدود
- وكيف؟
- لأنك تنكرين الجميل، والمرأة لا تنكر الجميل إلا حين تكون في عنفوان الصحة والعافية
- وإذن؟
- وإذن أعصى الله من أجلك يا حواء!
- فتأكل من شجرة التين؟
- وأترك طبعات على هذه الخدود المقبوسة من جمر الوجود
- تحبني، يا آدم؟
- أحب المرأة الحلوة الجميلة التي زلزلتْ فؤادي. أحب المرأة التي نقلت قلبي من مكان إلى مكان. أحب الغادة اللعوب بالعقل والروح. أحبك يا حواء حباً أمتنَ من الصدق وأروح من اليقين. أحبك يا حواء حبًّا سيُفسِدُ ما بيني وبين ربي، إلا أن تشاء إرادته السامية أن