الرغم منه بروحه حينما يرسل نفسه على سجيتها، ويقول ما يقول غير منتصر للفرعونية، وغير مجامل لأنصارها!
أليس طه حسين هو الذي فضل أدبنا العربي القديم على معظم آداب أمم الحضارة القديمة في كتابه (حديث الشعر والنثر)؟ أليس طه حسين من اقدر العاملين على إحياء لغتنا العربية بإحياء آدابها بذلك الأسلوب العربي الرائع ببلاغته على سلاسته وبامتناعه على أطماعه؟ أو ليس هو المنادي بتوحيد الثقافة العربية التي إن ضمنها للأستاذ أبي خلدون، وضمنها لنا أيضاً، ضمنا له كل ما يبقى من ضروب الوحدة؟!
اجمل الدكتور طه حسين أن يكون أديب الأقطار العربية كلها من أن يكون في قطر واحد أديباً! وليته - أصلحه الله - جامل في المكشوف أدباء العرب الذين يتنافسون في اقتناء آثاره، ويتباهون بأنهم من أنصاره. أو ليته - وهو مسلم مصري - خاطب العرب بما خاطبهم به الأستاذ مكرم عبيد - وهو النصراني المصري - وهو لذلك اشد اتصالا منه بالفراعنة ذوي الأوتاد!
وليسمع الدكتور طه حسين ما يقوله الأستاذ مكرم عبيد في عدد الهلال الممتاز (العرب والإسلام):
(سافرت في رحلة صيفية إلى سوريا، وتفضل إخواني السوريون في الشام ولبنان وفلسطين، فشملوني بترحيبهم وتكريمهم، فوقفت يومئذ وتحدثت عن الوحدة العربية وقلت: (المصريون عرب). وأبديت رأيي في هذه النظرية التي يؤيدها التاريخ، فنحن معشر المصريين جئنا من اسيا، ونحن أدنى إلى الرب منذ القدم من حيث اللون واللغة والخصائص السامية والقومية) إلى أن يقول:(نحن عرب! ويجب أن نذكر في هذا العصر دائماً أننا عرب قد وحدت بيننا الآلام والآمال، ووثقت روابطنا الكوارث والأشجان، وصهرتنا المظالم وخطوب الزمان. فأحدثت منا أمما متشابهة متماثلة في كل ناحية من نواحي الحياة).
ثم تكلم عن الوحدة العربية بقوله: (فالوحدة العربية حقيقة قائمة، هي موجودة لكنها في حاجة إلى تنظيم؛ والغرض من التنظيم إيجاد جبهة تناهض الاستعمار، وتحفظ القوميات، وتوفر الرخاء، وتنمي الموارد الاقتصادية، وتشجع الإنتاج المحلي، وتزيد في تبادل المنافع