الإزراء بالعلوم محاباة للآداب والفنون، أو من الإزراء بالآداب والفنون محاباة للعلوم
ماذا نجني من هذا وذاك ونحن فقراء في هذا وذاك؟
وماذا أصبنا من الفن والأدب حتى يقال إننا قد شغلنا به عن العلم والاختراع؟ بل ماذا عندنا مما اخترعه الآخرون حتى نبحث في اختراع الجديد، ونزعم أننا لولا الفن والأدب لاخترعنا نحن أيضاً مع المخترعين؟
أما إذا أغضينا عن أنفسنا ونظرنا إلى أحوال غيرنا، بل إلى الأحوال التي دعت إلى كتابة ما كتب في تفضيل السلاح على الشعر، أو تفضيل القوة إلى الذوق، فماذا نحن واجدون؟
نجد أمة غلبت بالدبابات والطيارات وهي لم تخترع الدبابات والطيارات، ونجد أمة لها مهندسون غلبت أمة لها كذلك مهندسون لعلهم أفضل من أولئك المهندسين؟
فالمسألة ليست اختراع الدبابة والطيارة، ولا هي مسألة الهندسة والصناعة، ولكنها مسألة (الباعث النفسي) الذي يكمن وراء علم العلماء واختراع المخترعين وهندسة والمهندسين
وهذا (الباعث النفسي) هو الحقد الذي تأجج في صدور الألمان فجعلهم يطلبون من الدبابة ما لم يطلبه منها أصحابها الأولون
فإن كان رأي الأستاذ (أحمد الصاوي) أن يملأ النفوس بالحقد لأنه صنع من الدبابة ما لم يصنعه منها الاطمئنان والرضى فله رأيه الذي يرتضيه بمعزل عن الشعر والفن، أو بمعزل عن المفاضلة بين المهندسين والشعراء
أما إن كان يريد بما كتب شيئاً غير هذا فليس في المقدمات ما يبنى عليه نتيجة غير تلك النتيجة. وليس في انتصار مقاتل على مقاتل من جديد يمسح ما كتبته الإنسانية إلى الآن، ويخط في مكانة سطوراً أخرى لم يكتبها التاريخ
قال الأستاذ أحمد الصاوي:(. . . المهندس هو الذي جلس أمام لوحه الخشبي ورسم على الورق أقصى ما يخطر بالبال من خيال الأهوال: تصور الموت نفسه أمامه وتحداه بالحديد والنار، فرسم الطيارة ورسم الدبابة ورسم الغواصة، ثم عاد فرسم لكل آلة من هذه عناصر دمار جديدة. فلم يكتف بنوع واحد من الطيارات والدبابات)
(. . . هذه هي رسالة المهندس والكيميائي يعملان جنباً إلى جنب. هذا هو الحاضر، وهذا هو المستقبل. فإلى الشباب المصري الذي يريد الأدب ويتعلق بالقصص ويحب الشعر