للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد اثني عشر عاماً صنع بالاشتراك مع جوزيف ستيل نولاً وصفه بأنه (يشتغل باليد أو بالماء أو بأية قوة أخرى) وكانت لحظة أحق بالذكر في تاريخ العلم الصناعي تلك اللحظة التي جاءت في سنة ١٧٦٤ إذ اخترع (جيمز هارجزيفر) دولابا. وهو نساج يشتغل على النول وهو في الوقت ذاته نجار. وكان يقيم في بلاكبيرن. وقد قبل أن الفكرة قد أُوحى إليه بها عندما رأى عجلة المغزل يقلبها أحد أبنائه فرأى عند ذلك أنها استمرت تدور أفقية وأن المغزل ظل يدور عمودياً

وبواسطة هذا الدولاب صار في الإمكان غزل عشرين أو ثلاثين خيطاً في وقت واحد بنفس السرعة وبنفس السهولة التي يغزل بها خيط واحد

ولما عرفت هذه الحقيقة لدى زملاء هاجريفز انزعجوا خشية أن تكون نتيجة الاختراع تخفيض أجورهم وكثرة العاطلين بينهم فهاجموا بيت المخترع في أحد الأيام وأتلفوا جهازه

وكانت الخيوط التي يخرجها النول قبل أن يبدأ النساج عمله تعرف باسم السدى. أما الخيوط التي يخرجها المكوك فتعرف باسم (اللُحمة) لكن الخيوط التي يخرجها دولاب الغزل كانت كلها من نوع اللحمة فليست متينة ولا قوية مثل السدى الذي يمتاز بالطول وبالقوة

وجاءت لحظة أخرى من اللحظات العظيمة في تاريخ الصناعة عندما قدر أن يؤثر رجل آخر في حياة الملايين من زملائه، وهذه هي قصة صبي الحلاق الذي مات وهو حامل للقب ورتبة فارس وأصبح من كبار الأغنياء

كان رتشارد اركرايت (١٧٣٢ - ١٧٩٢) أصغر الأبناء في أسرة عدد أبنائها ثلاثة عشر. وكان أبواه فقيرين فلم يستطيعا تعليمه إلا إلى الحد التافه فاشتغل رتشارد صبياً لحلاق؛ فلما بلغ العشرين من العمر أنشأ لنفسه حانوت حلاق في بولتون ولم يكتف بأن يحلق لعملائه، ويمشط لهم الشعر المستعار بل كان يبيعهم شعوراً مستعارة مصبوغة على طريقة ابتكرها. وبهذه الوسيلة أدرك ثروة وصار في وسعه بعد ذلك أن يترك حرفة الحلاقة، وأن تنصرف عنايته إلى غزل القطن، وكان قد اهتم جد الاهتمام بدولاب الغزل فأخذ يجري تجاريبه ليعرف هل في وسعه أن ينشئ دولاباً من هذا النوع يخرج خيوطاً قوية تصلح للسدى، وقد استعان برجل اسمه جون كاي (وهو غير جون كاي مخترع المكوك السريع وربما كان من

<<  <  ج:
ص:  >  >>