للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فاعتمد على أيهما شئت): (إن هذا لو قيل الآن لم يأت بالتأثير المطلوب. والصواب أن يطيل ويكرر، ويعيد ويبدئ، ويحذِّر وينذر)

وظل الفن الكتابي يتخبط في ذلك الفضول، ويتعثر في تلك الذيول، لا يسدده توجيه، ولا يهذبه نقد، حتى اتصل بالأدب الأوربي في هذا العصر، فتحدد لفظه، وتجدد أسلوبه، وانبعث شبابه الفتي الغض من القرائح الموهوبة، صافي الديباجة مشرق البيان، إلا عقابيل مما تركت عصور الضعف والجهالة بقيت على الأقلام المرضوضة تكريراً للفظ، وترديداً للمعنى، وتوليداً لنوع آخر من أنواع الاجترار الأدبي يعبر عنه الأديب زكريا إبراهيم فيما كتب إلى بقوله:

(شاع بين أدبائنا اليوم نوع جديد من الأدب، نستطيع أن نسميه بحق أدب (الدردشة). وهذا الأدب الجديد يصدر عن نزعات فنية حديثة، لأنه كلام يقال لمجرد الكلام،

أو الفن للفن كما يقولون! وعلى الرغم من أن عدوى هذا الأدب قد انتشرت بين كثير من الأدباء، فإنه لم يكتسب عندنا حق الوجود؛ لأن كل شئ لابد أن يقصد من ورائه إلى غاية، والكلام إذا لم يكن داع يدعو إليه كان لغواً وهذراً. أما أن يتخذ بعض الكتاب من عبارة (الحديث ذو شجون) ذريعة لأن يسامحوا أنفسهم في الكلام إذا عنّ، ولا يراعوا صحة دواعية، وإصابة معانيه، فهذا ما نأخذه عليهم، ولا نقبله منهم، مهما افتنوا في اختلاق المعاذير له. ونصيحتنا لهؤلاء هي قول الشاعر:

إذا لم تجد قولاً سديداً تقوله ... فصمتك عن غير السداد سداد)

ونظن الأديب الفاضل يعني فيمن يعني صاحب (النثر الفني)، ولولا أن صديقنا المبارك يحتكر زعامة الصناعتين، ويعتقد أن للسانه شعبتين ولقلمه سنين، لاستأنفنا له الحكم، وتولينا عنه الدفاع!

(للكلام بقية)

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>