للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أذكر أنني قرأت البيتين في الديوان؟

أما كلمة (النضر) التي ظن صاحب السؤال أنها كانت خليقة أن تهديني إلى تأليفه للبيتين فسبب ذلك جهله بمعنى الكلمة لا جهلي أنا بمعناها ومدلولها. وهذان هما البيتان اللتان وردت فيهما الكلمة

سقته ثدي السحب من مرضعاتها ... أفانين مما لم تقطره مرضع

كألفي رضيع من بني النضر ضمنوا ... محاسن هذا الكون، والكون أجمع

فلو كانت كلمة النضر بغير معنى كما توهم صاحب السؤال لجاز أن يعاب معنى البيتين

ولكن (النضر) هو جد بني هاشم، وبنوه هم بنو هاشم من قريش. وعلى هذا يصح أن يكون معنى البيتين أن بستاناً حافلاً بالأزهار التي رضعت ثدي السحب جمع متفرق الجمال كما يجمع بنو هاشم محاسن الكون وهم رضعاء. . . وهذا معنى كما قلت لا يعاب.

نعم هو معنى لا يمكنني أن أعيبه إلا إذا كنت في جهل صاحب السؤال بمعنى كلمة النضر ولست كذلك بحمد الله

وبعد، فإنني أدع لحضرات القراء أن يصفوا هذا السائل بما يستحقه، وأكتفي بأن أستخرج من سؤاله دليلاً آخر لم يرده حين استباح عبثه المعيب. . . ذلك أننا على حق في معاملة أمثاله بما يشكونه وهم عابثون

ولنا عودة إلى صداقات الأدباء، وما كتبه الأستاذ توفيق الحكيم بصددها في مقال تال.

عباس محمود العقاد

مأساة فرنسا للأستاذ الصاوي

الأستاذ أحمد الصاوي كاتب طريف أنيق: ظريف في اختيار موضوعه، وأنيق في ابتكار عرضه. وطرافته في الأداء والوضع، لا يماثلها إلا طرافته في الإخراج والطبع. والصفة الغالبة أو المزية الفارقة فيما ينتجه الأستاذ الصاوي هي الذوق. والذوق ملكة الفنان ومِلاك الفن. وأجمل ما في أسلوبه من صفات البلاغة الإيجاز والحياة والتنوع، وذلك سر ما يشعر به قارئه من الجاذبية واللذة. ولعل صاحب (إبر النحل) قد وصف نفسه أصدق الوصف بهذا العنوان؛ فهو في رياض الأدب والفن تلك النحلة التي لا تنفك طائفة على الزهر، أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>