إدراك الكرامة!! ثم لحظ العروس البائسة وقال لها بلهجة صارمة: اذهبي يا فاجرة فأعدي حقيبتك وسأنتظرك أمام البيت.
حاولت أمي أن تجيب لتبرر الموقف المريب، وهمَّ أبي أن يتكلم ليدفع الخطر الداهم، وأراد المأذون أن يفتي لينقذ العقد المهدَّد، ولكن خالي أزلقَهم ببصره؛ ثم خرج وهو يتسعر من الغيظ وينتفض من الغضب كأنه لم ير أحداً ولم يسنع كلاماً. وقضى هو وأخته الليل في أحد الفنادق ثم ركبا أول قطار إلى العزبة. والقوم هناك يا سيدي يرجمون بالظنون؛ فبعضهم يزعمون أنها سجينة القصر، وأكثرهم يعتقدون أنها دفينة القبر. والأمر الذي لا مرية فيه أنها خرجت من دنيا الناس!
هذه قصة فتاتي، وما أظنها تختلف كثيراً عن قصص أكثر الفتيات اليوم! ذهبت غفر الله لها ضحية للتربية المهملة، والرقابة المغفَّلة، والتعليم الفاسد، والقدوة السيئة، والقصص الماجنة، والصحف الخليعة، والسينما المثيرة! فهل يُضطر الذين لا يزالون لسوء حظهم يغارون غلى أن يعودوا فيسألوا الله العصمة من ولادة البنات، أو يقولوا كما كان يقول الجاهليون: وأْدَ البنات من المكرمات؟