للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مثل عليٌّ جميل، يضربه زين الشباب لشباب الجيل، حفاظاً على سَنن الدين القويم، وإحياء لسُنن الرسول الكريم، ومن أولى من جلالة المليك التقي بآثار النبي تخليداً، ومن سوى جلالته يتخذ الشبان سنته تقليداً؟ فدونكم فتيان النيل وشبابه زهرات مصر اقطفوها في تقوى وإيمان، لا في طيش وعدوان، فذلكم هو المثل الأعلى للطهر فاسلكوه، والمهيع الواضح للنبل فانهجوه، والخطة المثلى للأخلاق فاحتذوها، فإنكم تحتذون بأسمى جناب، وأحب الأحباب، وحينئذ ترفعون ركن الخلق والدين، وهما لسيادة الأمم الحصن الحصين.

وفي تبكير مولانا الفاروق بالقران - في عصر طغت فيه الإباحية باسم المدنية، وجرفت فيه المادة كل معنى سام شريف، واضمحل وازع العقل واستشرى داء العاطفة - معنى عال جليل، فقد رمى - حفظه الله - إلى أن يبقى ثوبه عفاً لا تعلق به ريبة، ومحيطه طاهراً لا تحوم حوله ظنة، ودينه قويماً لا ترقى إليه شبهة، فأملك في تلك السن، لأن في ذلك كمال الإيمان، فلقد أملك رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وسنه إحدى وعشرون سنة (على ما أرجحه من الآراء)، وفي حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدل على توفيق رب التاج في دينه ودنياه، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) فمليكنا المحبوب الصالح ينفذ دعوة الرسول الأمين، ويدعو من يرى في جلالته نبراسه، وكل مصري يراه كذلك، إلى ذلك النهج القويم

وتخير الفاروق - أعزه الله - بصادق فطرته، وصائب إرادته، وسامي حكمته، نجيبة نبيلة، هي سليلة الطهر والشرف وربيبة العز والمجد، وتليدة الحسب والنسب، فحباها قلبه، وأولاها لبه، ووقف عليها حبه، فأعز باختياره شعبه، إذ اصطفاها من صميمه، ليمتزج دماء الملك في جلاله وصفائه، بدم الشعب في وداعته وإبائه. سنة كريمة سنها من قبله والده العظيم، فوهب الله لمصر فاروقها المجيد؛ له من خلق الملوك سناؤه وسموه، ونبله وعلوه، ومن خلال الشعب تواضعه وسجاحته، وديمقراطيته وسماحته، فَمَلكَ بشيمه قلوب أمته، وتطلعت إلى جلالته الشعوب الإسلامية ترى فيه مجدد شباب الإسلام بفتوته، ومعيد مجد الفراعنة بحكمته، وعرف له سامي عراقته ملوك الغرب، فأحبوه مليكاً نبيلاً، وعظموه صديقاً خليلاً. ثم إن المليكة الفريدة في المرحلة الأولى من حياتها مُهجرة مثقفة، متعلمة

<<  <  ج:
ص:  >  >>