خالد. وقد خطب عمر مرة فاعتذر عما فعل، فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة (عزلت عاملاً استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعت لواء رفعه. فقال إنك قريب القرابة حديث السن مغضب لابن عمك).
ولكن خالدا لا يعزل نفسه العظيمة، ولا كفايته التي لا تعوض فلما اجتمع القواد على دمشق يحاصرونها نزل خالد على الباب الشرقي فاقتحمه اقتحام الأبطال ودخل المدينة عنوة فسارع الرؤساء إلى أبي عبيدة يصالحونه فالتقى عنوة في وسط المدينة خالد الفاتح والقواد الآخرون. فكتب كتاب الفتح باسم خالد. فلما جاءت عمر الأنباء قال: أمر خالد نفسه، يرحم الله أبا بكر هو كان أعلم بالرجال مني.
ولم يزل خالد مشاركاً في فتوح الشام كافياً لما يعهد إليه من حرب أو ولاية بقية حياته
هذه سنة إحدى وعشرين من الهجرة وخالد العظيم في سن الخامسة والأربعين على فراش الموت في حمص وأمامه مجد عشرين سنة مظفرة لم تنكس له راية، ولا أعيا عليه فتح، ولم يختلف عليه اثنان من جنده، فاستمع البطل العظيم والقائد الباسل يقول:
(لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي. وما من عملي شيء أرجى عندي بعد أن لا اله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس. والسماء تهلني بمطر إلى صبح حتى نغير على الكفار - ثم قال: (إذا أنا مت فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله).
ثم أوصى وصية، فمن اختار أميناً على انفاذها؟ عمر بن الخطاب! إن النفوس العظيمة لتختلف إلا في العظمة التي تؤلف بينها، والتي تأبى أن تصيخ إلى سفساف الأمور. اختلف الرجلان على أمور، وجمعتهما همة عالية ومطالب عظيمة.
لقد بكى خالدا الإسلام والمسلمون حتى عمر: سمع عمر البكاء على خالد فقال:
ما على نساء الوليد أن يسفحن على خالد دموعهن. . وسمع راجزا يذكر خالدا فقال والأسف ملء فؤاده:(رحم الله خالداً).