وافى خالد المسلمين معدين لمنازلة جحافل كثيفة من الروم والعرب، ووجد الجيوش مقسمة بين القواد الأربعة الذين بعثهم أبو بكر إلى الشام، أبي عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، فأراد أن يلقى الروم بجيش مجتمع ورأى موحد فخطب الناس:
(إن هذا يوم من أيام الله لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي. أخلصوا جهادكم، وأريدوا الله بعملكم، فان هذا يوم له ما بعده. ولا تقاتلوا قوماً على نظام وتعبية - على تساند وانتشار. فان ذلك لا يحل ولا ينبغي. وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا، فاعملوا فيما لو تؤمروا به بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبته. قالوا فهات، فما الرأي؟ فقال فيما قال (هلموا فلنتعاور الإمارة فليكن عليها بعضها اليوم والآخر غداً، والآخر بعد غد حتى يتأمر كلكم. ودعوني إليكم اليوم).
تأمر خالد على الجيش كله وفيه قواد أسن منه وأقدم إسلاما، ولكن اعتداد خالد بنفسه وثقة الناس به ألقت إليه بالمقاليد ذلك اليوم، فقسم الجيش كراديس ستة وثلاثين، وجعل على كل كردوس قائداً، ثم جعل قواداً على القلب والجناحين. ثم أدار المعركة طول النهار وبعض الليل، وأصبح في فسطاط قائد الروم قد ملك النصر كله وبلغ من العدو ما تمنى.
كتب كتاب الفتح باسم خالد. وبعد قليل جاء المسلمين نعي أبي بكر وولاية عمر.
هل عزل عمر خالدا
لا ريب أن عمر كان ينقم من خالد هنات في حروبه، وأنه أشار على أبي بكر بالاقتصاص منه لمالك بن نويرة، وما كانت تعجبه جرأته واستبداده في تقسيم الغنائم والأرزاق. وكان خالد معتداً برأيه كتب إليه أبو بكر يأمره ألا يعطي شيئاً فأجابه خالد: (إما أن تدعني وعملي وإلا فشأنك بعملك، هذا وأشباهه أسخط عمر على خالد وما كان عمر ليداهن في دينه وقد كثرت الأقوال فيما فعل عمر بخالد وينبغي أن نذكر أن خالداً لم يول على الشام من قبل أبي بكر ولا عمر ولكنه بعث مددا لغزاة الشام. فعمر ما عزل خالدا عن ولاية الشام أو قيادتها ولكن خالداً أمر نفسه يوم أجنادين وتيمن الناس به، فكان حرياً أن يكون أحد القواد. فلما جاء كتاب عمر بضم خالد إلى أبي عبيدة قال الناس ما قالوا في عزل