للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذاكرون.

وشيء آخر أحب أن تلفتي نظر بنيك إليه:

في الألزاس واللورين نوعان من (الشيكولات) أحدهما مر والآخر حلو، والوالدة تبدأ فتعطي لطفلها المر منهما، فإذا بكى أفهمته أن هذه ألمانيا. . . سبب هذه المرارة ثم أعقبت فأعطته القطعة، الحلوة فيصفو ويبسم فتفهمه أن هذه فرنسا. . حلوة كهذه القطعة، هنا قياس طرفه الثاني محذوف للظروف فاستخلصي منه النتيجة والحكمة والموعظة إن كنت مدرسة.

فرسالتك مهمة، ومجالك متسع، وأثرك بعيد، وخطرك شديد، ودورك يبتدئ. حيث ينتهي دور الأم: لقد أعدت لك التربة، ومهدت لك منها ما جفا فاغرسي فيها الأصول الطيبة بالموعظة الحسنة والقدوة الحسنة، علمي تلميذتك كيف تفني في الحق وتغضب للكرامة وتثور للوطن وتستشهد في العقيدة والواجب في أسماء بنت أبي بكر يوم ساقت ابنها عبد الله إلى الموت، وفي الخنساء يوم فقدت بنيها الأربعة، وفي المرأة الإسبرطية يوم صرخت في ولدها الجندي (عد بترسك أو محمولا عليه) في كل أولئك صور من الفناء في الحق والواجب. . وأخيرا: ملاحظة لست أرفع القلم دون أن أثبتها.

قابلت في قطار الصعيد فتاة مدرسة في القاهرة ومعها طالبات لا تقل صغراهن عن ست عشرة سنة فاتصلت بيننا أسباب الحديث وتشققت نواحيه، فكان من رأيهن جميعا أن المرأة لا تقع في الذكاء والعقل دون الرجل، وزادت المدرسة أنه يجب أن يباح للمرأة من الحريات والأعمال ما يتاح للرجل، وكنت أعتقد أن هذا لا يخرج عن كونه نقاشا ومكابرة! وراعني ان تخرج المدرسة (علبة سجائرها) أمام طالباتها وتقدم لي سيجارا!! أفي هذه الوجوه وحدها تطلبين المساواة؟ أنا مسلم يا أختاه أن رسالة المرأة في الحياة لا تقل أهمية عن رسالة الرجل، ولكن كل ميسر لما خلق له، ولو شاء ربك لجعل الناس جنسا واحدا رجالا أو نساء، ولكنه خلق المرأة لتكون كالظل يسكن إليها المجهود، فيجد في أحضانها مقيلا ينسى فيه لفحات الشقاء وسفعات الحياة. . . لتكون كالشاطئ يعود إليه الملاح بعد اضطراب الموج وثورة الزوابع. لم يخلقها لتحترف التنس والجولف. خلقها لتزين العش لا لتوزع وقتها بين الحدائق والزيارات والسينما. خلقها لتشارك الرجل في السراء والضراء

<<  <  ج:
ص:  >  >>