عليَّ فلم أتبصره وفانتني حقيقة معناه. . . ودمتم سنداً لمحبي المعرفة وطالبي الثقافة الحقة.
(بغداد - العراق)
عبد الواحد محمد
أستاذ العربية بمدرسة الكرخ الثانوية
أشكر للأستاذ الفاضل جميل ثقته وحسن ظنه، وأجيبه في مجال التعقيب على قول الأستاذ العقاد بأن علماء المقابلة لا يرون أن عبادة الشمس كانت معدومة في أطوار الديانات القديمة الخ. . . أجيبه في هذا المجال بأن هناك فارقاً بين (عبادة الشمس) و (ديانة الشمس) في واقع الأمر وفيما ذهب إليه الأستاذ العقاد وهذا هو الشيء الذي غاب عن السائل الفاضل فلم يتنبه له.
إن القول بأن (ديانة الشمس) تستلزم درجة من الثقافة العلمية لا تتيسر للهمج وأشباه الهمج في أقدم عصور التاريخ صحيح لا غبار عليه؛ وذلك لأن العبادة شيء والديانة شيء آخر. . . وإذا كانت العبادة لا تحتاج إلى شيء من الثقافة العلمية؛ فإن الديانة تحتاج إلى مثل تلك الثقافة كل الاحتياج وأهمها الإحاطة بعض الشيء بالعلوم الفلكية والحسابية. إن العبادة تقوم على أسس من الشعور بالتأليه والخضوع للإله، أما الديانة فتقوم على أسس أخرى هي تنظيم هذا الشعور عن طريق إبرازه في صور شتى من إقامة الشعائر وتقديم القرابين وبناء المعابد والمحاريب.
كلام الأستاذ العقاد إذن عن (ديانة الشمس) صحيح لا غبار عليه إذا قصرناه على الثقافة العلمية لا الأدبية. أما كلامه عن (عبادة الشمس) حين يقول إنها لم تكن معدومة في أطوار الديانات القديمة فليس صحيحاً في جملته. . . إن عبادة الشمس مثلاً في العصر البليوليثي المتأخر لم يكن لها وجود على الإطلاق، وهو العصر الذي عرفته الحياة منذ عشرين ألف سنة على وجه التقريب.
فإذا انتقلنا إلى العصر النيوليثي المبكر وجدنا عبادة الشمس على نطاق ضيق لا يكاد يذكر، وهو العصر الذي عرفته الحياة منذ عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. فعبادة الشمس كانت معدومة تماماً في أقدم عصور التاريخ، وكانت شبه معدومة في عصر آخر أقل قدماً، وهذا