هو التحديد الذي يؤكده بالدليل المادي (ورثنجتن سميث) في كتابه (الإنسان المتوحش البدائي)، ويؤكده بأدلة أخرى معنوية كل من العالمين الكبيرين (ج. ج. أتكنسون) في كتابه (القانون البدائي) و (هـ. ج. ولز) في كتابه (معالم تاريخ الإنسانية)!
بعد هذا التحديد، نعرض لشيء من التحليل والتعليل لظاهرة انعدام (عبادة الشمس) عند الهمج وأشباه الهمج في أقدم عصور التاريخ كما ورد في كتب هؤلاء العلماء الثقات، لنرد به على الآراء الخاصة التي أبداها الأستاذ صاحب السؤال.
لم يكن الإنسان الهمجي في أقدم عصور التاريخ يعرف لوناً من ألوان التفكير الذي يقوده إلى الكشف عما يجري حوله من ظواهر الكون وأحداث الحياة؛ لقد كان كل تفكيره محصوراً في قليل من الأمور التي تهمه كإنسان يتجنب الخطر حرصاً على حياته ويسعى إلى اجتلاب الرزق ليستطيع أن يعيش. فأفق التفكير عنده كان مشغولاً بمثل هذا الإجهاد الفكري الممثل في طريقة الخلاص من حيوان مفترس قد يعترض طريقه في الليل أو النهار، وفي طريقة الحصول على حيوان أليف يهيئ من لحمه طعاماً يرد به غائلة الجوع!. . . ولقد كان قصوره عن التفكير المتغلغل فيما حوله من ظواهر وأحداث مرجعه إلى قصور اللغة التي تعد في حقيقتها الدعامة الأولى لكل تفكير عميق. إن الرجل الهمجي في العصر البليوليثي المتأخر لم يكن يعرف لغة تعينه مثلاً على أن يفكر لماذا تشرق الشمس في الصباح ولماذا تغرب في المساء، ومن أين جاء ولماذا يعيش؟! لقد كانت لغته هي لغة الحركات والإيماءات، وكان فكره يدور حول تلك الأشياء التي تقع في دائرة إحساسه الساذج الذي لا يفترق أبدا عن إحساس الأطفال؛ لأن اللغة كما يقول (ويلز) هي يد الفكر التي يطبق بها على الأشياء ويختزنها لديه إلى حين!
وليس من شك في أن الرجل الهمجي في ذلك العصر لم يؤت درجة من التفكير تهيئ له نعمة التمييز بين ما هو جماد وبين ما هو حي. . لقد كان يرهبه منظر النهر إذا ما تدفق وفاض، وتخفيفه رؤية الظلام إذا ما أطبق بجناحيه على الكون، ويعصف بجلده وشجاعته زئير حيوان مفترس أو حدوث رؤيا مزعجة تقض مضجعه. وكل تلك الأمور في وهمه أعداء يخشاها كل الخشية ويأتي من الأعمال ما يستجلب به رضاها عنه وعطفها عليه!
ولدينا من الأدلة المادية ما يثبت أن تفكير الهمج في العصر البليوليثي لم يكن يتيح لهم