كان أهل هذا الدين، ينظرون إلى هؤلاء الأربعة بأعيانهم، وكيف كانوا - هؤلاء الأربعة - عند من عاصرهم ومن جاء بعدهم من أئمة المسلمين وعلمائهم).
وأظن أني بهذه الكلمات قد حددت كل التحديد غايتي فيما أكتب. أظن ذلك، وأظن أيضا أن لكل كاتب بعض الحرية!! في أن يحدد ما يريد لنفسه في سياق ما يريد أن يكتب. وبخاصة إذا كان يريد أن يعرف الناس بشيء هم قد غفلوا عنه، وبخاصة في زمن أصبح العلم فيه لجاجات تكتب كما تكتب مقالات الصحف اليومية في المنازعات الحزبية! وبخاصة في نذير شديد من الله سبحانه! وبخاصة إذا كان هذا الكاتب يؤمن بأن الإنسان مسئول بين يدي ربه عن كل ما يقول وكل ما يكتب وكل ما يفعل!
بيد أن الأستاذ الفاضل ظن أنه كان يجب على أولا غير هذا. إذ ظن أن صاحبه نقد معاوية نقدا تاريخيا، فطالبني أن أبين أن الوقائع التي ذكرها في كتابه غير صحيحة، ثم زاد شيئا آخر عجل إليه فزعم أني لا أستطيع أن أفعل شيئا من ذلك، لأن صاحبه نقلها من كتب التاريخ ولم يخترعها اختراعا، ولأنها معروفة لدى الصغير والكبير؟! فأظن أنا أيضا أني بينت عن طريقي في الكلمات التي نقلتها آنفا، وأني سوف أترك هذا إلى حينه، فلست أدري لم يعجل الأستاذ الفاضل كل هذه العجلة على امرئ مثلي، فيضربه بالعجز عن ذلك قبل أن يبين عن حجته؟ فهذه العجلة هي هي التي أنكرها على صاحبه، وأنكر أن تكون أدبا يتأدب به العالم أو المتعلم، ومن الحق على كل عاقل أن ينهي نفسه عنها، وأن ينهي من يرتكبها، لأنها مخالفة لكل أصل من أصول العلم والتعلم، ولأنها تورث مرتكبها نفس الداء الذي أتى منه صاحبه الذي تهجم على ضمائر خلق الله، فكاد يقطع قطعا جازما بنفاق معاوية وأبي سفيان وهند وعمرو بن العاص وسائر بني أمية! من أين يعلم أني عجزت أو أني سوف أعجز؟ لا أدري!
ومثل هذا في الجرأة ما أتبعه من أسئلة إذ يقول:
(من الذي ينكر أن معاوية حين صير الخلافة ملكا عضوضا لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما كان من وحي الجاهلية؟
(ومن الذي ينكر أن أمية بصفة عامة لم يعمر الإيمان قلوبها، وما كان الإسلام لها إلا رداء تلبسه وتخلعه حسب المصالح والملابسات؟. . .