(ومن الذي ينكر أن يزيد بن معاوية قد فرضه أبوه على المسلمين مدفوعا إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام؟
(ومن الذي ينكر أن معاوية قد أقصى العنصر الأخلاقي في صراعه مع علي، وفي سيرته في الحكم بعد ذلك إقصاء كاملا لأول مرة في تاريخ الإسلام، وقد سار في سياسة المال سيرة غير عادلة، فجعله للرشوة واللهي وشراء الضمائر في البيعة ليزيد؟
(هذه وأمثالها أمور مسلمة في التاريخ، لا يستطيع الأستاذ شاكر أن ينكرها بحال. ونحن نعجب كثيرا حين نجده في مقاله يلبس مسوح الوعظ والإرشاد. . .)
نعم يا سيدي الشيخ! نعم! فإني لمحدثك عمن ينكرها: أنا أنكر هذا كله وينكره المؤمنون من قبلي. وإذا كنت أنت وصاحبك تسلمان بها، فأنا لا أستطيع أن أسلم بها. وتقول: هذه دعوة ليس عليها بينة! فأقول: نعم، هي في هذا السياق ليس عليها بينة، إلا أن آتيك بالدليل على بطلان ما ذهب إليه صاحبك الذي توليت الدفاع عنه. بيد أنك أسأت حين عجلت إلى شيء لم تعرف ماذا أقول فيه، وكيف أستطيع أن أتناوله بالنقد والتمحيص. ولو أنت صبرت حتى تعرف لأتاك البيان عما أنكرت وما عرفت من أخبار صاحبك، التي وصفتها بأنها متلقفة من أطراف الكتب، لا أقول بلا تمحيص وحسب، بل أقول أيضا بالحرص الشديد على تتبع المثالب القبيحة، وبالحرص المتلهف على اجتناب المناقب الفاضلة، وبالغو الأرعن في سياق المثالب وفي تفسيرها، وفي تحليلها، وفي استخراج النتائج من مقدمات لا تنتجها، كما يقول أصحاب المنطق.
وأنا أحب أن أخلع معك مسوح الوعظ والإرشاد خلعا لا رجعة بعده! فتعال أيها الشيخ إلى غير واعظ ولا مرشد! تعال حدثني وأحدثك، ودعني ودعك من:(قال الله تعالى) و (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) فإنهما في زماننا هذا - من مسوح المتدينين بلا دين! دعنا نعرف الكتب التي بين أيدينا لا نرفع بعضا ولا نضع بعضا، لأن هذه كتب تاريخ لا يوثق بها، ولأن هذه كتب أصحاب دين ووعظ وأرشاد يوثق بها! ثم ننظر بعدئذ بالعقل المجرد ماذا يكون؟!
ودعني أيها السيد أعيد عليك ما قلت في مقالك: (ونحن نقر أن معاوية كان حسن السيرة على عهد عمر، فولاه أعمال دمشق، ولكنه قلب المجن للتعاليم الإسلامية بعد مصرع