وكنا قد عالجنا هذا الموضوع منذ أكثر من ٣٥ سنة، فأدرجنا في المشرق (من مجلات بيروت) في سنة ١٩٠٤ في مجلدها السابع ص ٣٤٠ إلى ٣٤٣ مقالة عنوانها: (العرب أو السَّرْحِيُون). ثم عدنا إلى البحث، فنشرنا في مجلتنا لغة العرب ٧: ٢٩٣ إلى ٢٩٧ مقالاً وسَمْناه (السرحيون أو الشرويون)، وفي ٧: ٤٨٨ و ٤٨٩ أيضاً. وعدنا إلى البحث رابعة فأصدرنا مقالة في لغة العرب المذكورة في ٨: ٥٨٤ وسمناها (الشرويّون)، وبينا أن (سراكينوي) هم الشرويون أو أهل الشراة، وهم اسم العرب الذين يقطنون الشراة، وهو صقع بالشام بين دمشق ومدينة الرسول، وكان من عمل جُند دمشق.
والآن نقول إن صحيح الاسم هو السراة بالسين المهملة، لا الشراة بالشين المعجمة
وأما كيفية تحول السراة إلى (سراكينوي) فظاهر من أن السراة، وهي تشبه سارة بعض الشبه إذا ما كتبت بحروف يونانية أو رومانية، كُسعت بأداة النسب عندهم، فصارت (سراكينوس) بالمفرد، و (سراكينوي) بالجمع. فانتهز هذه الفرصة الملك نقفور وأوَّل اللفظ بالوجه الذي نقله المسعودي.
هذا هو تأويل اللفظ اليوناني، وهذا هو وجه تحوله إلى ما تراه وتسمع به.
٤ - ذكر اللفظة غير المسعودي
أما قول الأستاذ العمودي (ص ١٩٣٩ من الرسالة): (هذه الكلمة قد سجلها التاريخ في مطاويه منذ عهد عريق جداً، فالعرب لا تعرفها مطلقاً، إذ لم تشتهر في تاريخهم، وما وردت في نظمهم ولا نثرهم. فإذا كان المسعودي هو المؤرخ الوحيد الذي ذكرها، فلا شك أنها هبطت عليه عرضاً، واقتنصها اقتناصاً من أحاديث الروم. ومعنى هذا أنها غير مشهورة بين العرب، ولا جارية على ألسنتهم، فهم يجهلونها كل الجهل، جهلهم بأصلها)
فجوابنا هو: لا يمكن أن تكون هذه اللفظة معروفة عند العرب بهذه الصيغة المفلوجة المعوجة؛ إنما يقولون: أهل السراة أو السرويون. - وأما أن المسعودي هو المؤرخ الوحيد الذي ذكرها، فنحن لا نوافق عليه حضرة الكاتب الجليل، فقد ذكرها ابن الأثير أيضاً في تاريخه (١: ٢٤٠ من طبعة الإفرنج) بصورة (ساراقيوس) ونقل عبارة نقفور عينها، فقال: