(وكانت الروم تسمي العرب سراقيوس (كذا)، يعني عبيد سارة بسبب هاجر أم إسماعيل. فنهاهم عن ذلك) اهـ
ومعلوم أن ابن الأثير جاء بعد المسعودي بنحو ثلاثمائة سنة، فلا جرم أنه نقل هذا الخبر عنه. وكنت قد قرأت في كتاب تاريخ قديم سبق المسعودي بنحو مائة وخمسين سنة، وهو لنصراني ذكر (الساراكينوي) فيكون هو أول مؤرخ عربي ذكرهم بهذا الاسم، فأخذ عنه سائر مؤرخي العرب، لكني لا أتذكر اسمه، ولا اسم كتابه.
وعلى كل فليس للمسعودي أدنى خيال في هذه الكلمة، فهو ناقلٌ، ثقةٌ، حجةٌ، ثبتٌ، يعتمد عليه.
٥ - لماذا سمي العرب سراكينوي أي سرويين
إن الأمة الواحدة، الوافدة على أمة ثانية، إذا اتصلت بها حديثاً وهي لا تعرفها، سميت المجهولة باسم تذكره لها الأولى، كما أنه إذا جاءك طارئ تجهل اسمه، فإنك تسميه بعد ذلك بالاسم الذي عرفَّك به، لا بالاسم الذي تضعه أنت له. فاليونان والرومان اتصلوا بعرب السراة أو السَرَوات منذ أقدم الأزمنة، فذكروهم بالاسم الذي تسموا هم به، ثم أطلقوه على العرب جميعهم من باب تسمية الكل باسم الجزء، كما أن الإرَميين لا يعرفون العرب إلا باسم (طائيين) لأنهم أول ما عرفوا منهم، كانوا من طَيء لمجاورتهم لهم، واتصالهم بهم، ثم أطلقوا هذا على العرب جميعهم وإن لم يكونوا من طَيء. ومثل هذه التسمية كثيرة الوقوع في التاريخ.
٦ - موافقة الساراكينوي للسرويين في جميع ما نقل عنهم
إذا حفظتَ في صدرك ما بسطناه لك، انجلتْ لك عرائس الحقائق بوجوهها الصبيحة. فقد نقل الأستاذ الفاضل من المعلمة الإيطالية:(إن هذه الكلمة أصبحت اليوم علماً خاصاً يطلق على العرب، فإن مفهومها قديماً كان على عكس ذلك؛ فقد كانت تدور في دائرة ضيقة من التعريف لا تطلق على الشعب العربي كله إنما كانت خاصة بقبيل معين يسكن على شواطئ خليج العقبة في الجزء الجنوبي لجزيرة سيناء يعرفه الإغريق بـ (ساراكيين) اهـ. فهذا داخل في أن هذا الجزء من سيناء هو من ملحقات السراة لا غير